احترق منزلها وانهارت أحلامها.. أسرة من عدن تناشد محافظ عدن انتشالها من وضعها المأساوي

> رصد/ وئام نجيب

> تحول منزل العم أبوبكر عوض (سبعيني العمر) إلى مقبرة للأموات وموقع خالٍ يحوي على عتمة أبدية حتى إشعار آخر، وحاليا هو مغلق ولم يقو أحد من الأسرة المنكوبة من الدخول إليه، ولكن يختلف الحال لدى المسن أبوبكر (رب الأسرة)، والذي يداوم على الجلوس بجانبه بعد احتراقه، بينما تنظر إليه حفيدته من نافذة المنزل المؤقت التي تعيش فيه بمعية إخوتها ووالديها، وهو يمسح بيده ذاك السواد باكيا على خسرانه منزله، وبالنسبة إلى الطفلة فهي تظل أمام ذاك المنظر تائهة بحسرتها وحزنها، وكأنها تودع بيتها الذي نقشت فيه أجمل الذكريات وطفولتها وأخوتها التي احترقت مع تلك الجدران.

قصدت زيارة المنزل بعد احتراقه والتقيت بالأسرة المنكوبة، دخلت إليه فرأيت مدى الضرر والدمار الذي خلفه الحريق، تلمست تلك الجدران والتي يبدو عليها بأنها كانت تكافح من أجل البقاء.

نيران التهمت أحلام وآمال أسرة بأكملها، وذلك عندما شب حريق هائل منزل سكني في الشارع الخلفي لمديرية المعلا بعدن وتحديدا في شارع الصومال، في التاسع عشر من الشهر الجاري، ذاك اليوم المشؤوم والذي خلف بعده تشتت أسرة بعدن وتدهور حالها، تقول ابنة العم أبوبكر عوض وهي تحاول جمع كلماتها بصعوبة: "في يوم وقوع الحريق في المنزل لم يتواجد فيه أحد، فقد كان والدي وزوجي وأولادي خارج المنزل، بينما كنت أنا في منزل خالي الذي يقع بنفس الحي، لأتفاجأ بقدوم أبناء الحي إليّ يطلبون مني مفتاح المنزل، وحينما سألتهم عن السبب قالوا: (شاهدنا نارا تخرج من المنزل)، لم استوعب ما سمعته وهرولت مسرعة بمعيتهم نحو المنزل؛ لأرى النيران تلتهم كل ما فيه، انصدمت وعيناي تدمع وقلبي يتمزق لرؤية نار عظيمة شبت واستولت بألسنة لهبها على كل شيء، لم أتمالك نفسي من هول ما رأيت، ومع ذلك كان لدي رغبة شديدة للدخول ومشاهدة المنزل، وتم منعي من الدخول، ولكنني أصريت وقمت بدفع المتواجدين وحاولت الدخول إليه كنت في صدمة مما رأيت بكيت وصرخت بشكل هستيري وأنا أقول: (اتركوني أدخل لمنزلي)، دخلت وفقدت وعيي وأنا أرى كل شيء قد انتهى، حينها تشكلت أمامي ملامح التشرد والشتات".

وأشارت بالقول "حصل الحريق بعد المغرب، ولم يتمكن أبناء الحي من الدخول من باب المنزل لقوة اللهب الذي التهمه، مما دفع بهم لكسر نافذة الحمام والدخول منها محاولةً منهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن شاءت الأقدار بأن كانت النيران أقوى من كل هذه المحاولات، وخسرنا كافة معداتنا الأساسية والكماليات، تضرر المنزل كلياً ناهيك عن انتهاء الكهرباء بشكل كامل وهي بحاجة إلى تسليك كامل وذلك بحسب إفادة مهندس كهربائي، وحتى ملابسنا تفحمت وأضرار إضافة إلى خسائر مادية بالغة، ذهبت معه صور كانت تحوي على ذكريات طفولتنا بمعية والدتي رحمها التي توفاها الأجل منذ زمن، وحتى اللحظة لم نعلم ما هو سبب الحريق، علماً وأن التيار الكهربائي حينها كان منقطع على الحي بأكمله، ولم تنزل الشرطة للبحث حول أسباب الحريق، ولكنها اكتفت بعمل تقرير بناء على معلومات المطافئ والتي هي الأخرى أتت لموقع الحريق بعد مرور ساعة وكان قد اطفأه أبناء الحي".

وبتنهيدة تملؤها الحسرة، تابعت حديثها: "لم يستوعب والدي المصاب بورم في المثانة هول المنظر فقد كان يجري بالشارع كالمجنون ويتساءل هل هذا هو منزلي الذي يحترق أم أنه منزل لأحد الجيران، بينما أطفالي كانوا يحتضنون ألعابهم الممتلئة بالرماد، بعد إخماد الحريق لم يكن لدينا مأوى سوى الشارع، بقينا فيه لمدة ساعتين نبحث عن ملاذ آمن يضمنا، من ثم جلسنا لثلاثة أيام في منزل شخص من معارفنا ومن ثم انتقلنا إلى منزل أحد الجيران الذي رأف بحالنا وفتح لنا منزله للعيش فيه بشكل مؤقت، وكما ترين فالمنزل ذو سلالم عالية لم يستطع والدي الطلوع إليه، مما أدى الأمر إلى افتراقنا وبقاؤه عند أحد الجيران الذي يسكن في منزل أرضي ونتفقده بشكل دائم، كما أن المنزل الذي نعيش فيه حالياً يفتقر إلى الأجهزة الأساسية فهو يخلو من الشولة، الغسالة، الثلاجة، حيث أن مأكلنا ومشربنا من السوق، تعبنا ولم نعد نحتمل، وكل ذلك ننفقه من راتب زوجي، أما بالنسبة لمعاش والدي المتقاعد فإننا نستغله بشراء حفاضات له وأكله الخاص والذي هو بحاجة أخرى لميزانية خاصة فيه، منوهةً بالقول "أصبحنا نازحين ومنكوبين بعد أن باتت حياتنا غير مستقرة وتفتقر إلى أدنى مقومات الأمان".

وبعد الصمت لبرهة من الوقت قالت: "نحِنُّ لمنزلنا الذي كان يضمنا بدفئه وأمانه، وكان يحوي على غرفتين وصالة وحمام ومطبخ، وقد انتهينا منذ أن انتهى منزلنا وتحولت أحلامنا إلى رماد، ونناشد محافظ محافظة عدن أحمد حامد لملس بالنظر لوضعنا المرير وإصلاح المنزل وأملنا فيه كبير بعد الله عز وجل، كما نطالب أهالي الخير بتوفير ما تيسر من الاحتياجات الضرورية، وبأبسط مقومات الحياة الآمنة، نظرا لعدم قدرتنا على استئجار مسكن ملائم، ودعمنا والتخفيف جراء ما لحق بنا من أضرار".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى