المحاصصة السياسية تعقد إجراء التغيير تربويا وتفرض التدوير

> جمال مسعود

> أثرت الحالة السياسية اليمنية بتعقيداتها على التربية والتعليم منذ العام 1990م حتى يومنا هذا، فأخضعتها للمحاصصة والشراكة والتقاسم بين طرفي الصراع السياسي المؤتمر والإصلاح اللذين توسعا فيما بعد ليشملا المؤتمر وحلفاءه واللقاء المشترك وشركاءه في توزيع للمهام وتبادل للأدوار بينهما، فسيطرا سيطرة تامة على التعليم منهجا وإدارة وإشرافا ووجهاه توجيها سياسيا يخدم برامجهما وأهدافهما، وفي الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات المطالبين بفك الارتباط وتمكنهم من رفع العلم الجنوبي أمام طلاب المدارس وهم يرددون (بلادي بلادي، بلادي الجنوب، جمهورية عاصمتها عدن).

القوى السياسية اليمنية المتحكمة بالتعليم جنوبا وشمالا وبعد أن انتزع الحوثيون السلطة وسيطروا على التعليم منهاجا وإدارة وإشرافا في الشمال أدركت الخطورة فتكاثفت جهودها وتوحدت رؤاها المختلفة وجرى الاتفاق بينها على وضع حاجز إجرائي وتعقيدات إدارية تمنع تسلل الفكر التربوي الجنوبي والحيلولة دون وصوله لأي منصب إداري أو إشرافي قريب من مركز القرار التربوي، فعاقبت الكثير من المعلمين والمشرفين ومدراء المدارس المؤثرين ومنعت تكليف أو تعيين أي مدير لإدارة أو مدرسة ووكيل ومشرف له صلة بالنشاط الجنوبي وفعالياته بحجة تسييس العمل التربوي والعصبية الجهوية أو عدم الكفاءة ونقص الخبرة أو عدم تطابق شروط شغل الوظيفة، وبهذا المبرر أو ذاك حالت إجراءاتهم المعقدة دون تمكين التربويين الناشطين جنوبيا من العمل الإداري والإشرافي بالقرب من مركز القرار التربوي والمشاركة فيه.

بعد تعيين محافظ لعدن ومحسوب من تيار المجلس الانتقالي الجنوبي زادت مخاوف القوى السياسية اليمنية من إجراء تغييرات قد تطال كوادرها العتيقة والمتحكمة بإدارة التعليم وشؤونه لأكثر من ربع قرن. وبفعل التفاهمات السياسية ورغم تعقيداتها إلا أنها تمكنت بواسطة قواها الظاهرة والخفية من إيقاف موجة التغيير ولم تسمح بها وفرضت بديلا منها التدوير بين كل ما هو موجود من كوادر تربوية متجانسة في فلك اليمننة، حرصا منها على بقاء الهرم التربوي والتعليمي والذي سقط في الشمال بيد الثورة الشمالية الحوثية الانقلابية ومنعا لسقوطه أيضا في الجنوب بيد الثورة الجنوبية الانفصالية، بحسب قولهم، والتي يتوقع منها في حال تمكنها من قيادة العمل التربوي والإشراف عليه أن تعيد النظر بصياغة التعليم منهاجا وإدارة وإشرافا، وستبدأ بتنفيذ مشروع التعليم الأكبر في الجنوب على أسس متينة تعزز وتنمي روح الانتماء الوطني للجنوب وبأساليب متطورة تواكب التعليم العصري الحديث بشخصية تعليمية وتربوية جنوبية متميزة تعيد للمعلم هيبته ومكانته وللتعليم جودته بالطريقة الجنوبية التي كانت قد تخلصت من الأمية ونافست في مستواها التعليمي دول الجوار والمنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى