أصدقاء الرصيف في عدن تشرد وشرود ومعاناة مستمرة

> فردوس العلمي/ هلا عمر

> النوم والمبيت على أرصفة الطرقات أصبح سمة لكثير من المسننين وخلال المدّة الأخيرة لاحظنا بعض الشباب لجئوا إلى الشوارع واتخذوا أرصفة الطرقات مكانا للنوم بعد يوم عمل شاق.
النائمون على الأرصفة واجهوا ظروفاً حياتية صعبة أدت بهم إلى النوم في الشوارع والميادين العامة، منهم من كان يعمل بوظيفة ويتقاضى أجراً ثابتاً يستطيع خلاله مواجهة أعباء الحياة، لكن الحال تغيرت نتيجة الحروب المشتعلة وتدهور العملة وأخيرا جائحة كورونا مما أدى إلى فقدان كل شيء.

 منهم من واجه ظروفاً عائلية صعبة انتهت به إلى النوم في الشوارع بعد أن فقد القدرة على العمل للحصول على قوت يومه ليصبح هذا المسن أو ذلك الشاب يفترش مقاعد المحطات العامة، أو أرصفة الطرقات أو على سلالم المباني الكبيرة.
تردي الأوضاع المعيشية والحروب حرم كثير من الأشخاص وأفقدهم أعمالهم ودفعهم إلى التشرد وعدم الاستقرار والنزوح من مكان إلى آخر وفي الوقت الراهن لجأ الكثير إلى النوم في شوارع المدينة على الهواء الطلق بالأرصفة والأزقة والحارات يلجئون إلى تلك الأماكن لكي يسندون رؤوسهم ويفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويتخذون من  "الأحجار" أو "الكراتين" فرشا لهم. وينتابهم الخوف من الكلاب الضالة والمتسكعين في الطرقات أواخر الليل".

حق السكن
لا أحد يلتفت إليهم ولا يكترث لمعاناتهم وأبسط حقوقهم.                      
 إن المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعترف بالحق في السكن كجزء من الحق في مستوى معيشة لائق أو كافٍ حيث جاء فيها:

"لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته. ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخِدْمَات الاجتماعية اللازمة".
"وللمواطن الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته."

و تضمن المادة 11 فقرة 1 من العهد الدُّوَليّ الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في السكن كجزء من الحق في مستوى معيشة كاف
"تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق، معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدُّوَليّ القائم على الارتضاء الحر كما عدّ القانون الدُّوَليّ لحقوق الإنسان."

الحق في السكن حقاً قائماً بذاته، وتم توضيح ذلك في الحاشية العامة رَقَم 4  لعام 1991 بواسطة لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما أن المادة الثامنة والثلاثين من الميثاق العربي لحقوق الإنسان تضمن الحق في المسكن كجزء من الحق في مستوى معيشي كاف، إذ جاء فيها:

"لكل شخص الحق في مستوى معيشي كاف له ولأسرته يوفر الرفاه والعيش الكريم من غذاء وكساء ومسكن وخدمات، وله الحق في بيئة سليمة. وعلى الدول الأطراف اتخاذ التدابير اللازمة وفقاً لإمكانياتها لإنفاذ هذه الحقوق."
كما تم تضمين الحق في السكن في المادة 28 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي المادة 16 من الميثاق الاجتماعي الأوربي.

حاجة الإنسان إلى النوم المريح حاجة ملحة فهل يحصل النائمون على الطرقات  النوم المريح .
صحيفة "الأيام" نزلت إلى طرقات مدينة عدن لرصد أوجاع وهموم النائمين على الطرقات ومعرفة الأسباب التي دفعتهم للنوم على الطرقات فهل يحصل هؤلاء على النوم المريح؟.
 النائمون على الطرقات أغلبهم  رفضوا الحديث عن أوجاعهم خاصة كبار السن منهم ولسان حالهم يقول: "خلى أوجاعنا في داخلنا تحرقنا لحالنا وكثير منهم نزلت دموعهم وهم ينظرون إليك نظرة عتاب وكأنهم يقولوا لك ما يكفيك ما نحن فيه اتركنا ولا تقلب علينا مواجعنا؟ "

هرب من جحيم دار المسنين
يقول أحد المسنين الذي رفض ذكر اسمه أو حتى التقاط صورة قال: "لي أكثر من عشر سنوات وأنا أنام بالطرقات وكل مرة تجدني في منطقة ومديرية ليس لي مكان محدد فهذه بلاد الله وأنا طير حر انتقل من عش إلى عش حيث ما أجد الدفء ولقمة عيش".

سألته هل عندك بيت وأسرة وأبناء نظر لي مطولاً وسألني والدك عايش؟
 لم ينتظر ردي قال: "خلي بالك منهم أبواي توفاهم الله ادعي لهم بالرحمة والمغفرة فليس هناك مثل الأبّ ُوالأم  ونصيحة لا ترمي أبوك أو أمك حين يداهمه المرض وكبر السن".

 يسترسل بالحديث ودمعة في عينه "حتى المكان الذي ارتحت فيه لم أجد فيه الأمان  حين داهمنا المتأسلمين باسم الدين فقد كنت أحد نزلاء دار المسنين وبعد الحرب و الجريمة التي حصلت تركت الدار ولم أعد له خوفاً على حياتي".
مَدّ يده ليمسح دمعة تحررت من بين الأهداب ليطلق اه مكتومة ويتركنا في حالة ذهول ووجع وأنا أنظره إليه حتى غاب عن أنظاري".

مشاكل أسرية منازل مكتظة بالسكان
يقول الأخ منصور هو مواطن: "كان ينظر إلي وأنا أتحدت إلى المسن فقال لي بابنتي إذا لم تجد الدولة حل بصرف رواتب الناس وحل للعملة ستجدين كل أبناء عدن نائمون في الطرقات. فالوضع الراهن إذا استمر كلنا سوف ننام في الشارع".
وأضاف: "من أسباب النوم في الطرقات المشاكل الأسرية، منها فقدان القدرة على إدارة ميزانية الأسرة، عقوق أبناء، كثرة عدد أفراد الأسرة في بيت ضيق: "تخيل معك خمس أو ست أطفال في منزل غرفة وصالة لهذا ستجد كثير من الشباب يتخذون الشارع للسهر ولا يدخلون البيت إلا بعد صلاة الفجر خاصة إذا كان في البيت نساء كثير".

الحرب دمرت منزله ودفعته إلى النوم على الرصيف
سعيد البالغ من العمر30 عاما لجأ إلى النوم على أرصفة الشارع  برغْم المعاناة التي تحصل معه سواء في برد الشتاء أو حر الصيف، ولم يجد عملاً لتلبية أقل حاجاته اليومية، وبعدها بدأ يجمع بقايا علب المشروبات الغازية وبعض الكرتون لبيعها، لكن بالرغْم الظروف الصعبة استمر في عمله هذا حتى يلقى قوت يومه".

محمد كان يتجهز للنوم في أثناء مغيب الشمس في أحد الأرصفة بالمدينة وقد غزاه التعب والإرهاق يبدو أنه منهك يحكي واقعه المرير وتشرده من منزله الذي كان يستر عليه و تعرض للدمار بسبب الحرب ومنذ ذلك الوقت لم يجد مأوى له فكان يتنقل من مكان إلى آخر لعل وعسى يجد من يحتويه فكانت اللوكندات تساعده على البقاء ليلة واحدة و ليلتين متعاطفين معه إلى أن تفرج له بمكان آخر، ولكن مازال يبحث فأهل الخير يساعدوه عندما ينظرون إليه وهو في الشوارع.
وقال: "حتى هذه المساعدة باتت مهدد بتوقف لكثرة المحتاجين في المدينة.

 محمد لا يوجد لديه إي مصدر دخل عمله حر يحمل الإسمنت أو البردين ليأكل لقمة عيشه يسد به جوع بطنه".

شارد ومشرد
عبد السلام نازح من الحديدة رأيته مستلق على ظهره في لحظة شرود أنهكه التعب والمشقة بعد معاناة يوم طويل في البناء يعمل لكي يسترزق قوت يومه يحكي أنه عايش حياته في النوم بالشوارع وأن عمله يكفي فقط قوت يومه مأكل ومشرب إلى أن يفرجها الله عليه و يرجع بلاده معززا مكرما.
 من جهتها الطالبة الجامعية فدوى ناصر قالت: "على الرغْم أن القوانين المحلية والدولية والعالمية والإقليمية توضح باحترام حق الإنسانية وحق الحصول على سكن مريح  وموافقة بلادنا عليها لا نرى تنفيذ هذا القوانين، مجرد أن توقع عليها بلادنا  فقط  فهذه القوانين اذا طبقت بالشكل الصحيح كفيلة أن تجد للناس سكن  نظيف ومريح  ولكن لا حياة لمن تنادي".

في الختام أغلب النائمين على الطرقات ينامون بعد صلاة العشاء ويصحون قبل صلاة الفجر ينامون وَسَط ضجيج المارة وصراخ ونباح الكلاب يتقاسمون مع هذا الحيوانات حياة الشوارع ولا يجدون الراحة ولكنهم مجبرون لعلهم يظفرون بسويعات راحة  بعد أن يهدأ ضجيج البشر وتنام الكلاب والقطط.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى