التلاعب بملف الرواتب لَيّ ذراع وكسر عظم الجنوبيين

> أنهت القوات المسلحة الجنوبية النظامية والمتطوعة مهامها القتالية في مسرح العمليات بنسبة ١٠٠ ٪ وأحكمت سيطرتها بالكامل على المداخل والمنافذ البرية والبحرية والجوية، وفرضت سيطرة أمنية واسعة على حدود مترامية الأطراف، قلبت بها موازين القوى، وغيرت مفردات الحرب وأدواتها ونقلت مراحلها من المباشرة إلى الغير مباشرة، وقدمت في سبيل ذلك قيادات جنوبية في أعلى المناصب والرتب أبرزهم اللواء علي ناصر هادي واللواء المحافظ جعفر واللواء الحربي أحمد سيف اليافعي والعميد أبو اليمامة والعميد عمر سعيد الصبيحي واللواء طماح، وغيرهم من مختلف الوحدات العسكرية والأمنية والمقاومة الجنوبية

انتهت الحرب، ولكن لم تقبل نتيجتها، وكسب الجنوبيون الحرب، وارتفعت أصواتهم عالية، لكن مشروعهم لم يكن هو هدف الحرب والغرض منها، وإقناعهم بذلك أمر في غاية الصعوبة، وتجاهل مشروعهم التحرري أكثر تعقيدا بعد إنجازهم المهام القتالية في مسرح العمليات الحربية داخل أراضيهم وجغرافيتها أو في المحيط البري والبحري المؤمن لحدود شركاء الحرب في التحالف العربي، ووضع سياج حدودي قوامه القوات الجنوبية المتدربة على أعلى المستويات القتالية المعقدة والشاقة فتمكنت تلك القوات من تامين حدود المملكة بريا بعد إن سد الجنوبيين تلك الثغرات.

لم يقبل الطرف السياسي المفاوض الممثل للجنوبيين في طاولة الحوار إعادة الوضع إلى ما قبل عاصفة الحزم، وظل متمسكا بمطالبه السياسية المعقدة والمرفوضة جملة وتفصيلا من قبل جميع الأطراف السياسية المرتبطة بالأزمة اليمنية داخليا وخارجيا، ليبقى الجنوبيون وحدهم ما بين المطرقة والسندان يعانون مرارة الحرمان من الاحتفال الحقيقي بالنصر والتحرير؛ لينسوا شكل الفرحة وطعم الانتصار.

تراجعت قوات التحالف عن برامج الدعم والتأهيل الاستراتيجي الرسمي للقوات المسلحة والأمنية الجنوبية بعد إنهاء مسرح العمليات الحربية في الجنوب وتسجيلها تحت عنوان مناطق محررة تابعة للشرعية ودخلت بذلك الجنوب أرضا وشعبا في دوامة الاختلاف في مصير الجنوب ككيان هل يتم اعتباره دولة مستقلة تم تحريرها، أم جزء من دولة تم تحريره أم مناطق تم السيطرة عليها للانطلاق نحو المشروع الأعمق إقليميا ودوليا.

لقد وقع الجنوب في أتون حرب غامضة لا معنى لها شغلته خمس سنوات من بعد التحرير في متاهة لا أول لها ولا آخر تركته فريسة الجوع والجهل والمرض من مخلفات القرن الماضي والعصور الوسطى ليزداد النفوذ وينمو فساد المتنفذين ويظهر على السطح رجال أعمال هم أشبه بزعماء الحرب وتجارها، وانقسم الجيش بين الأسماء والمكونات والعناصر الأمنية بحسب الفئات والجماعات والتشكيلات، وقسمت المحافظات بحسب تلك الأغراض؛ لتصبح الجنوب مسرحا لعمليات بناء وتحضير لمرحلة ما بعد الأزمة اليمنية.

لم يستجب الجنوبيون لدعوة الاندماج في الشرعية اليمنية والذوبان فيها وإعادة النسيج الاجتماعي الذي مزقته الحرب العدوانية بحق الجنوبيين؛ ليتم تطويقهم من جديد والسيطرة عليهم والتحكم بهم من خلال ربطهم وتوثيقهم بالإجراءات الإدارية والمالية المعقدة والمعطلة، وإغلاق المنافذ والحلول، وعرقلة تحصيل الإيرادات وبناء القدرات بالاعتماد على الموارد المحلية والحلول المتاحة، وسد الأبواب والمنافذ وإغلاق كل سبل الاعتماد على النفس، وكتم الأنفاس بتوقيف العمل بآلية صرف الرواتب وفرض العقاب الجماعي على القوات المسلحة الجنوبية حيثما كانت، في الحدود والثغور والمنافذ والمعسكرات، وتنفيذ برنامج التجريع والتجويع لغرض التطويع ولي الذراع وكسر العظم لجر الجنوبيين إلى طاولة الحوار أذلة منكسرين يبحثون عن لقمة العيش وسد الفاقة، وهم الأكرمون رجال الصدق والوفاء أباة شامخين، لا يذلون ولا ينكسرون ولا يطأطؤون رؤوسهم لأحد فمهما حاصروهم ومنعوا عنهم الرواتب وضيقوا عليهم في المعيشة يبقى الجنوبيون بلباس العزة والكرامة متوشحين ينشدون وطنا حرا أبيا يفدونه بأرواحهم ودمائهم وليس على السياسيين سوى حزم أمتعتهم، وقيادة مرحلة جديدة هي أشد تعقيدا من المراحل السابقة، إنها مرحلة فرض الإرادة وجر الحلفاء للاعتراف بالجنوب شريكا وليس تابعا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى