عانى الجنوب شعبا وأرضا، وبالذات من 1994م، من نظرة حَوَل سياسي وحقوقي قانوني.

بالإمكان تفهم الحول السياسي والمبني على تبادل مصالح قد تكون مشروعة أو غير مشروعة، وذلك فإن الدول في غالبيتها لا تبحث ولا تجري إلا وراء مصالحها فقط. لكن ليس بالإمكان تجاوز الحقوق الإنسانية، وإذا شاب النظرة الحقوقية الإنسانية الحوَل أو العمش النهاري، وهذا من عجائب عصرنا الراهن والمرتهن، نعم ليس بالإمكان القبول بنظرة يشوبها الحول والعمش وخاصة عندما تأتي من فريق يسمى فريق خبراء دوليين.

يحق لنا بعد أن قرأنا وسمعنا في ورشات حول ذلك التقرير والذي تزيد صفحاته عن 400 صفحة، ونعترف بأننا لم نقرأه وإنما استمعنا إلى أوراق قدمت حوله، وبالمجمل فإننا قد خرجنا بالآتي:

1. تشكيلة الفريق غير سوية البتة، ولا ندري لما تصر هيئات مجلس الأمن على تسمية خبراء أو مبعوثين لما يحصل في اليمن؟ لما الإصرار على المغاربة واللبنانيين؟ فالمغاربة تشيع عندهم الولاية للتشيع أو الأباضية وهي تتماهى مع التشيع.

2. اختيار مقر الفريق بلبنان يوضع عليه من البداية ظلال وشكوك، لأن لبنان يتحكم بها وبالقرار فيها حزب الله الموالي لإيران والمتعاون مع الحوثيين.

3. إن التقرير بعد ذلك خلا من الحيادية بالمطلق، للأسباب الآتية:

أ. تجاهل جرائم مشهودة حصلت في عدن وبالعشرات من قبل الحوثيين، والتفجيرات التي حصدت المئات من طالبي الالتحاق بالخدمة العسكرية، وتلك جرائم موثقة إعلاميا، في حين لا تقع جرائم تفجير وتفخيخ مثيله في مناطق الحوثيين.

ب. التقصي عن بعد خلافا للمعهود دوليا، حيث يتم نزول الفريق وأعضائه إلى البلد أو البلدات، لأن التشكيل دولي ومن سلطات ذات تأثير دولي كبير، وإن تعذر أو تم الرفض يُلغى القرار وتُحمل جهة المنع المسؤولية.

ج. الاعتماد بالتقصي على الإعلام؛ والإعلام غالبيته مشكوك في نزاهته، كما تم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي وهي كذلك وسيلة غير مؤكدة ويشوبها الاعتوار القانوني، حيث بالإمكان تزوير أو انتحال الشخوص المتحدثة مع الفريق وفتح حسابات متعددة لشخصية واحدة.

4. فيما يخص الانتهاكات التي يزعم التقرير (الاغتصابات) هذه الجرائم المزعومة. فالتقرير ليس لديه تأكيد حقيقي بالشخوص ولا تقارير طب شرعي، ولا شهود إثبات.

نعود لمسألة الحول القانوني، فمعلوم أن الغرب بالذات لديه من الوسائل الإعلامية والمغامرين للدخول لتسجيل السبق في كل مناطق التوتر والحروب، وسوريا والعراق وقبلها فيتنام وأفغانستان خير مثال، إلا عندنا هنا لم نشاهد منهم شخصا أو قناة أو صحيفة أرسلت من يمثلها حتى عن طريق المغامرة، فقط منطقتنا خلت من مثل هذا، وهذا يؤكد عدم الاهتمام وعدم الحيادية المطلقة أو النزاهة في الاستقصاء.

طبعا التقرير بحاجة إلى رد وتحليل وتشكيل لجنة متخصصة من أفضل الكوادر المجربة وذات الكفاءة لدحض تخرصات من أعد التقرير وخاصة عن المناطق المحررة. وأقترح أن تشكل لجنة من 9 أساتذة على النحو الآتي:

- قاضٍ متمرس وذي كفاءة وعضو نيابة خبير ومجرب. وأستاذ قانون أكاديمي من الجامعة. هؤلاء 3 أعضاء.

- 6 أعضاء من السياسيين المخضرمين وأصحاب التجارب والعلاقات العامة محليا وإقليميا، ليكون الفريق مطعما بالقانونيين والسياسيين، ليتم الرد بطريقة تصل إلى الدوائر الخارجية وليس إلى الداخل فقط.

حمى الله الجنوب وشعب الجنوب من كل الدسائس والألغام التي تزرع في طريقهم.