والله زمان يا حبيشي ..!

> محمد العولقي

>
محمد العولقي
محمد العولقي
* لن نخدع أنفسنا ، ولا الآخرين من مهتمين ومتابعين .. كرة القدم في حضرة ملعب الشهيد الحبيشي عشق جنوني ، وحب كان ضائعاً لعقدين من الزمن ، ظلماً وعدواناً ، إنه بالنسبة للمدينة التي تنام على الجبال وتتنهد مع الأمواج أكسير حياة مع كامل احترامي لبقية ملاعبنا الخضراء و الغبراء.

* و إعادة تأهيل ملعب الحبيشي بعد سنوات عجاف طويلة ليس فقط مكافأة لمدينة عدن التي تتنفس من مسامات هذا الملعب من أيام سادت ثم عادت لكن هذا المنجز الجديد يمثل عودة الروح إلى جسد كرة القدم في الجنوب ، فملعب الحبيشي تاريخياً هو إرث دولة ، وكفاح شعب مرير ضد الطاغي و الباغي ، وعندما عطس هذا الملعب ، أصيبت كرة القدم في الجنوب بنوبة زكام مزمنة.

* عندما نتحدث عن ملعب الشهيد الحبيشي بكريتر ، فنحن نتحدث عن كل شيء في عدن و الجنوب ، نتحدث عن جنون الكرة ومجانينها ، عن الفن ومبدعيه ومتذوقيه ، عن معالم المدينة وتراثها ، عن العراقة والأصالة ، هذا لأن الفواصل الكروية تزول ، والتشابك يصل إلى الذروة ، ففي الواقع الحديث عن هذا الملعب ، حديث عن الحياة بكل مفارقاتها ومفاجآتها ، عن تجليات مبدعين سطروا أعظم الملاحم على ترابه المالح ، وعن أحلام جيل يعتقد أن هذا الملعب مجرد أسطورة من ورق ، فشكراً للذي أعاد بلازما الحياة لشعب لا يتنفس إلا من رئة هذا الملعب الذي لا يقل قيمة عن ملعب ويمبلي الشهير.

* يوم الجمعة كنت حاضراً في المقصورة ، أستمتع بذلك الهوس الجماهيري الكبير ، وكم تعجبت وسعدت أن هذا الملعب ، استعاد شبابه وحيويته وجماله ونضارته رغم أنف الشاعر الذي تمنى عودة شبابه ، ليشكو المشيب الذي بنى مستعمرة من النمل الأبيض في رأسه ، فقد اقشعر بدني من تلك الصور التي نهشت في ذكريات ماض جميل ، تدفقت الصور بسهولة السهل الممتنع ، جماهير مؤلفة تتدافع أمام البوابات للحاق بمدرجات عطشى ومنصة رئيسية تتلون بكل تجليات قوس قزح وأرضية خضراء تسر الناظرين ، قلتها بأعلى صوتي : "والله زمان يا تلال ويا وحدة عدن ويا تنافس ملتهب لا يخرج عن الروح الرياضية".

* عشت لحظات جميلة غسلت الكثير من أوجاعي وهمومي ، وصوبت عيناً على جماهير التلال ، وهي تنهل من شعارات الزمن التلالي الجميل والتقطت أنفاس فرقة القلعة وشعرت بها تزكم أنفي ، وصوبت العين الأخرى على جماهير وحدة عدن ، وهي تغزل من حناجرها أناشيد تمجد فرسان الفيحاء ، وانكمشت في مقعدي فأحسست أن الفرحة تكاد تقفز من ضلوعي ، وفركت عيني وسألت : "هل أنا في حلم أم في علم" ..؟

* ملعب الشهيد الحبيشي بصورته الجديدة منشأة رائعة ، وهي من وجهة نظري أهم منجز يتحقق لعدن ، خلال العشرين عاماً الأخيرة ، فالملعب أخيراً عاد للرياضيين ، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من بيعه في أسوأ مزاد ، وعاد في زمن صعب ، قد يساهم في عودة الروح لمدينة رياضية (من قمة رأسها حتى أخمص قدميها) .. ولأن هذا المنجز فتح أمام الكرة الجنوبية آفاقاً من التطلعات ، نحو حاضر نتمنى أن يكون أجمل من ماضيه ، إلا أن الحفاظ على نظافة وطهارة وروعة هذا الملعب ، أصعب بكثير من عملية إعادة تأهيله ، والمطلوب من الجهات ذات العلاقة في وزارة الشباب والرياضة ، أن تضع نصب عينيها ، ضرورة حماية هذا الملعب من عوامل تعرية الطبيعة ، وتعرية البشر ، فقد أثبتت الليالي غير الملاح (أننا نبني منشأة بعشرات الملايين ثم نهملها) ، ولا نضع لها ثوابت ولا ميزانية تحميها من عوامل الطبيعة القاسية ، ومن غدر ذوي القربى.

* ملعب الشهيد الحبيشي استعاد رونقه ، وظهر بحلة قشيبة وجميلة ، جمعت بين تراث هذا الملعب التاريخي ، ومعالم مدينة عدن ، لكنه بحاجة عاجلة إلى موازنة تشغيلية ثابتة لصيانته كل يوم من مخاطر الدهر ، كما أن أرضية الملعب بحاجة إلى (آلتين فوريتين) ، الأولى تقوم بعمل (الشفط) تفادياً لأي خلل في بنية العشب الصناعي ، و الثانية لـ (رش الملعب يومياً) ، وحمايته من ملوحة تأكل كل شيء بما فيها العشب الصناعي.

* ويا جماعة .. عملكم عمل ممتاز ورائع فصورة الملعب تفتح النفس وتحرض على ملازمة الملعب ، إما لاعباً أو مشاهداً ، لكن هذا (العمل الجبار) يلزمه توعية من نوع خاص ، و يلزمه (توفير متطلبات الملعب من الألف إلى الياء) ، حتى يستطيع الأخ أحمد الغويزي مدير الملعب صيانة هذا المنجز ، والحفاظ عليه حتى من الهواء الطاير ، فهل وصلت الرسالة ..؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى