انتشار الآفات وضعف التسويق يهددان نخيل حضرموت

> تقرير/ جمال شنيتر:

> انخفض إنتاج الشجرة الواحدة من 50 إلى 10 كجم وهذه أبرز الحلول
تنتشر زراعة النخيل في 11 محافظة يمنية بنسب متفاوتة، وتحتل حضرموت الواقعة في الجنوب الشرقي، قائمة أكبر المنتجين في البلاد، تليها الحديدة. ويرتبط الإنسان الحضرمي وجدانياً وتاريخياً بالنخيل أكثر من أي شجرة أخرى، وتقدر المساحة المزروعة بـ5773 هكتاراً، أنتجت 5773 طناً في 2009، حسب إحصائية الإدارة العامة للتوثيق والإحصاء الزراعي.

إهمال متعمد
لكن، على الرغم من أهمية النخيل في المجتمع اليمني، فإن زراعته تواجه عدة مشكلات ومعوقات تهدد بقاءه، أو على الأقل استمراره بتراثه المعهود في ذاكرة اليمنيين. وفي هذا الشأن يقول الأستاذ في كلية العلوم البيئية والأحياء البحرية بجامعة حضرموت عبد الباسط الغرابي، "الإهمال المبرمج والمتعمد أدى إلى تدهور النخيل وخفض إنتاجه، وساعد على زحف أشجار السيسبان (المسكيت) لتحل محله باعتبارها منافسة".

وأضاف، "الزحف العمراني ترافق معه اقتلاع النخيل، ليكون بديله أعمدة الخرسانة، فضلاً عن الأمراض والآفات الحشرية التي تتعرض لها الأشجار، وتصيبها بالأمراض، منها التفحم الكاذب واللفحة السوداء والمجنونة وأعفان الجذور وموت الفسائل وأعفان الثمار، وتجعد وانكماش ثمار البلح".
وهدد أيضاً ظهور الآفات الحشرية بقاء النخيل، ومن تلك الآفات "الدوباس والحميرة والسوسة الحمراء والأرضة وعنكبوت الغبار"، إلا أن أخطرها، بحسب الغرابي، "الدوباس" الذي تسبب في انهيار إنتاج الشجرة الواحدة من 30 - 50 كجم إلى أقل من 10 كجم. وهي التي تسللت وغيرها إلى حضرموت نتيجة لعدم وجود حجر زراعي محكم على الصادرات والواردات من العينات النباتية عبر المنافذ، خصوصاً البرية.

ويلفت إلى أن حضرموت دخلتها خلال العامين الماضيين آفة جديدة تسمى "سوسة النخيل الحمراء"، وهي أشرس وأخطر من الدوباس، وهي تتوسع شيئاً فشيئاً، وخصوصاً في القطن وسيئون وتريم، ولم تعد المؤسسات الرسمية المعنية قادرة على السيطرة عليها والحد من انتشارها في بقية مناطق وزراعة النخيل بحضرموت.

حلول ومعالجات
ويقترح الغرابي لوقف هذه الأزمة حزمة من الحلول والمعالجات لتطوير زراعة النخيل، تتمثل في "إنشاء مركز بحوث خاص بالنخيل، وتشجيع الزراعة النسيجية واختيار الأصناف الممتازة، خصوصاً المستوردة منها، مثل البرحي والسكري والخلاص، وإنشاء معامل متطورة، وفتح أسواق عالمية لتصدير التمور الحضرمية".
وقال، "حضرموت تميزت بتنوع أصناف التمور، فهي تصل إلى أكثر من 100 صنف تتفاوت جودتها بين الممتازة مثل الجزاز والمديني والمجراف والشوغلي، والجيدة مثل السقطري وبقلة الصيق، والمقبولة مثل الحمراء والنفوخي والحاشدي، وجميعها لها مميزاتها وصفاتها الخاصة، مثل اللون والذوق ونسبة مكوناتها من السكريات والفيتامينات والعناصر المعدنية".

عمليات التسويق
وعلى الرغم من تفرد التمر الحضرمي، فإن تسويقه وبيعه لا يتجاوز حدود اليمن، فلا توجد له أسواق خارجه، والمتاح مصنع واحد فقط لتغليف التمور وتسويقها داخل البلاد. ويشرح الغرابي عملية بيعه، "التمور تسوق مباشرة منذ نضجها على الشجرة، أو أن الفلاح أو المالك يسوقها بنفسه في الأسواق التقليدية. يوجد نوعان من طرق تسويق ثمار الرطب، خصوصاً أصناف المائدة، مثل السقطري الذي اشتهرت به مناطق ساحل حضرموت، فيباع عبر المؤسسات التجارية أو التجار، ثم يصدر إلى المحافظات الأخرى، مثل عدن ولحج وصنعاء وتعز ويسمى بالتمر الحضرمي".

وأضاف، "أما الطريقة الأخرى فهي عن طريق تصنيف الأنواع الجافة وشبه الرطبة، التي تحفظ وتوضع في شوالات أو تسمى العبايا، وهذه الأصناف غالبيتها من وادي حضرموت، مثل الجزاز والمجراف والمديني والسريع. والسقطري من أصناف المناطق الرطبة، بالتالي تجري تهيئته لتسويق الثمار التي لم تسوق أثناء مرحلة الرطب، لذلك تتخذ مجموعة من الإجراءات لخفض نسبة رطوبة هذه التمور، وتجفف بواسطة تعريض الثمار لأشعة الشمس، ثم ردمها بالضغط عليها بواسطة الأقدام حتى تستوي، فتُعبأ في شوالات من سعف النخيل أو النايلون".

ويخلص في حديثه إلى أن عملية التسويق تحتاج إلى دراسة شاملة والاهتمام بالنخلة منذ غرسها عن طريق "اختيار الأصناف الممتازة والجيدة وفتح أسواق خارج البلاد من خلال الترويج الدعائي لها، ودعوة المستثمرين للاستثمار في حضرموت، من خلال إنشاء مصانع للتمور قريبة من مناطق الإنتاج".

جهود الحكومة
ويتطرق الغرابي إلى جهود عدد من الجهات التي تهدف إلى معالجة مشكلات زراعة النخيل، فمكتب وزارة الزراعة والري في المحافظة ركز جهوده على المكافحة الكيماوية لحشرة الدوباس، وتمثلت الجهود في حملات الرش التي تبنتها الوزارة في جميع مناطق الإصابة.

كما قدمت شركة توتال الفرنسية دعماً لهذه الحملات، وشجعت بعض الباحثين على عمل بحوث ودراسات للماجستير والدكتوراه، لإيجاد حلول للحد من هذه الآفة. كما أن للقطاع الخاص وبعض المنظمات المدنية دوراً لا بأس به في هذا الجانب،  فمؤسسة الشيخ عبد الله بقشان قدمت دعماً لحملات وقاية النخيل، تمثل في ماكينات الرش بالضغط وماتورات، وصرف مجموعة من المبيدات الصحية غير الضارة بالبيئة مثل الديسيز ودلتا مثرين، إلا أن هذه الحملات توقفت الآن، وأصبحت الآفة تهدد وجود النخلة برمتها، والآن ارتفعت الأصوات من قبل المزارعين والمهندسين لكبح جماح الآفات.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى