راتب معلم خليجي براتب معلمي مدرسة في عدن

> من مفارقات الزمن ومآسي اليمن أن تتفاوت رواتب المعلمين وحوافزهم والامتيازات التي تخصصها لهم الحكومات من دولة لأخرى، الفقيرة منها والغنية، إذ يعتبر المعلمون في معظم دول العالم من فئة الأعلى رواتب بين الموظفين والعمال، وفي كل دول العالم توفر الحكومات امتيازات وحوافز تشجيعية ترغب بالعمل في مهنة التعليم بترتيب أوضاع النقل والسكن والرعاية الصحية والاستقرار المعيشي كمساهمة حكومية لإقناعهم وحثهم على العمل مدرسين؛ وللتخفيف من تكدس المعلمين في المدن والقرى الحضرية، تقدم عروضا تشجيعية أكثر للراغبين بالعمل في المناطق النائية، ويعد المعلمون هناك من أفضل العاملين دخلا وأرقاهم مستوى معيشيا.

في اليمن، لم تنظر الحكومات ولا السلطات المحلية لمهنة التعليم بعين الاعتبار؛ إذ لا تعتبرها ذات أهمية لتنفق عليها، وتمنحها امتيازات خاصة وتشجيعية، بل الكثير من الباحثين عن مستوى دخل أفضل والطامحين بمستقبل مرموق يبتعدون عن العمل في سلك التربية والتعليم، لتدني رواتب المعلمين، بل إن بعضا ممن ضاقت بهم الحال يضطر إلى البحث عن وظيفة، وأي وظيفة؟ ولو كان معلما، وهذا يدل على امتهان وظيفة المعلمين والتقليل من أهميتها. لهذا اكتفت الحكومات بتطبيع هذه النظرة الاجتماعية لواقع التعليم ومكانة المعلمين، فتركت رواتب المعلمين جامدة تتدنى باستمرار وفقا للأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد بين الحين والآخر مقارنة بين رواتب المعلمين في دول الجوار مع راتب المعلم اليمني، بغض النظر عن مستوى الدخل والوضع الاقتصادي لتلك الدول، فإن الفارق بشع، ولا يمكن تصوره على الإطلاق، ولن يستوعبه العقل البشري، فلا يعقل أبدا أن يكون راتب معلم في دولة ما يساوي رواتب معلمين ومعلمات وطاقم إداري وإشرافي كامل لمدرسة واحدة سواء بسواء، فالمعلم الذي يستلم راتب معدله 35 ألف ريال سعودي وهو ما يساوي 7.700.000 ريال يمني هو مجموع راتب شهري يستلمه المسؤول المالي لمدرسة في عدن للطاقم التدريسي والإداريين والمشرفين في المدرسة بواقع 100 اسم في كشف الراتب، وهذا هو الفارق النسبي بين راتب معلم واحد، يساوي رواتب معلمي المدرسة الابتدائية في عدن بنسبة 1:100.

من مفارقات الزمن ومآسي اليمن راتب المعلم اليمني أقل مما يعطيه ولي الأمر في دولة من دول الجوار مصروف المدرسة اليومي لولده في الصف الأول الثانوي والنسبة هي مصروف طالب في دول الجوار يساوي رواتب 10 معلمين يمنيين، وليس بعد ذلك من فارق على مستوى العالم.

إن انهيار العملة المحلية وضعف الأداء الاقتصادي وتخصص القيادات في الدولة وانشغالهم بالشأنين السياسي والعسكري طوال السنين الفائتة أنساهم خطورة التدهور الاقتصادي، خاصة أنهم عزلوا أنفسهم في الأبراج العاجية، لا يسمعون صدى صوت أنات الشعب وأوجاع المواطنين، لم ينقص من احتياجاتهم الرفاهية مطلب واحد لهم، ولا سرهم فيأخذون من مال الدولة ما يشتهون ومالا يشتهون تلذذا وتفكها وبطرا وكفرا، ولأنهم في الأبراج العالية لا يتمكنون من النظر إلى الأسفل حتى يعلموا أن من إنجازاتهم الخارقة أن صار المعلمون في دول الجوار، من فضل الله عليهم وحنكة قادتهم، أن صار راتب معلم واحد يساوي رواتب معلمي مدرسة بكاملها بطاقم من 100 معلم وراتب سنوي لمعلم واحد يساوي رواتب معلمين في عشر مدارس لأكثر من ألف معلم يمني.

ألا ما أرخص العلم والتعليم ومكانة المعلم في اليمن، التي يحكمها الحوثي شمالا يحارب ولا يصرف رواتب للمعلمين وهو لا يبالي، وحكومة شرعية تستمر بشرعيتها سياسيا وعسكريا وراتب معلم بحكومتها يساوي مصروف طالب بالصف الأول الثانوي في واحدة من دول الجوار، وهم يسمون أنفسهم حكومة ووزراء ومحافظين ومدراء عموم وسفراء وقادة عسكريين، يسقط كل يوم من ميزان الاقتصاد درجة ودرجتين ليصلوا بالشعب إلى الحضيض وهم لا يشعرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى