العطروش وأغنية (أماه)

> مختار مقطري

> أكاد أجزم أن موسيقار أبين الكبير قد عنّ له تقديم أغنية عن الأم باعتبارها رمزاً للوطن، وحينها وهو في لحظات من التجلي الروحي شاء أن يلحن كلمة (أماه)، وهي الكلمة الأولى في رائعته الخالدة لاسم الأغنية، ولم يكن قد كتب القصيدة أو لعلها لم تكتمل فجاء تلحين كلمة (أماه) عملاً فنياً متفرداً، فقد شحنها العطروش من وجدانه بمشاعر وأحاسيس مختلفة، ففي غنائها توسل ورجاء وشجن ومناداة وعشق وحزن وأمل وخضوع واعتزاز، وغير ذلك من المشاعر التي يكنها كل فرد للأم وللوطن. وعندما غناها الفنان الكبير عوض أحمد فإنه جعل منها وصلة غنائية بمنتهى الروعة والجمال والإحساس الراقي بمشاعر أستاذه العطروش، المشحونة في هذه الكلمة، فحرص على التنويع في صوته للدلالة على تنوع المشاعر في تلحين هذ الكلمة.

العطروش وهو يلحن القصيدة بعد ذلك كان لايزال متأثراً بتجلياته الإبداعية التي لم تفارقه سريعاً، وسواء لحن القصيدة بعد تلحينه لكلمة (أماه) مباشرة أو بعد فترة، فإن مشاعره الرائعة أثناء تلحينه ظلت مسيطرة، فجاء لحن الأغنية مشبعاً بالأحاسيس الوجدانية الصادقة والعميقة نحو الأم ونحو الوطن.. وصارا الاثنان معاً شخصية واحدة في الأغنية.

ويا لها من أغنية بمنتهى الجمال الفني وجمال مشاعر العطروش.

والعطروش كان ولا يزال فناناً شعبياً من أبناء الريف.. رغم مقدرته الكبيرة على التجديد، وإثبات موهبته في هذا المجال بين كبار الملحنين المجددين في عدن ظل عاشقاً للتراث وتراث أبين تحديداً، ولذلك امتزجت في بعض ألحانه التجديدية الألحان الشعبية بقوالب التجديد مثل يا رب من له حبيب، للمه كرهتك وغيرها.. بينما ظلت له ألحان شعبية مثل الصياد، القافلة، بالله اعطني، مطنوش والنوبي، وهو رغم إقامته الطويلة بعدن ظل عاشقاً للريف، حيث ولد وولدت موهبته الفنية، ولذلك ظل محباً للشخصية الريفية بأبين، وقد ظهرت هذه الشخصية في بعض أغانيه من خلال اللحن والأداء مثل شخصية الرجل الريفي الخبير بالنساء في أغنية كرهتك وشخصية الرجل الريفي القادر على الإقناع في أغنية بالله اعطني. وأغنية الرجل الريفي الحكيم في أغنية ذكريات.

أما في أغنية (أماه) فقد امتزجت مشاعر الرجل الريفي بمشاعر ابن المدينة، لأن الوطن للجميع.

ونص أغنية (أماه) نص غنائي جميل، لا غريب فيه ولا إغراق في الشعبية، جميل المعاني مشرق المفردات صادق العاطفة، وقد زاده اللحن جمالاً فكانت أغنية رائعة:

أماه مالي أم في الدنيا سواش

يا أرضي الحبيبة

أماه اتمنيت من تربش فراش في الغربة الصعيبة

أماه حس الخد عاده ما كفاش دمعاتي الصبيبة

أماه منذ المهد صاين لش وفاش

كيف اليوم سيبه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى