اليمن وعيال الحافة بعد قرٍن وعشرون عامًا!

> ر اليمن طوال سنوات القرن الماضي بعدة متغيرات جيوسياسية أثرت بالسلب وكانت وبال عليه أرضًا وإنسانًا. تعريف "الجيوسياسة" ببساطة يعني تأثر الأرض بالسياسة، والعكس دائمًا صحيح، التأثر والتأثير الذي لم يكن في مصلحة الأولى، ولم يتسنى للثانية، طوال مئة عام، أن تستغله الإستغلال الأمثل.

إنقضى القرن التاسع عشر اللطيف - مقارنة بمن تبعه - بكل ما فيه من أتراح والقليل من الأفراح ليطل علينا القرن العشرين محملًا بالديناميت، حيث لم يكن الحظ في صفنا، كيمنيين، كما جرت العادة، وكأننا ناقصين بلاوي، بل كانت الكارثة التي تسببت فيها مجدداً الظروف "الجيوسياسية" عالمية هذه المرة إنقسم معها العالم إلى قسمين: قسم مع الشيطان والآخر ضده! وفقًا لتوصيف بوش الإبن للعالم بعد الإعتداء الإرهابي الذي تعرضت له المدمرة الأمريكية (يو إس إس كول) أثناء ما حلت ضيفة على واحد من بين أكثر موانئ مدن العالم شهرة، في وقت مضى، وحسرة، فيما تلى التفجير الإرهابي الأليم الذي حدث أواخر العام ألفين في ميناء عدن!

بعد الكارثة، عاد اليمن ليلعب بالحديد، وهو وسط نار وضعه الداخلي، المعجون ببنزين، من جديد، لكن هذه المرة بعد أن أصبح اليمنيون ملزمون، جميعًا، بالعيش مع إرهاصات وإرتدادات تأثيرات مطلع الألفية والإنفجار الذي تبعته إنفجارات أخرى هزت الإقليم والعالم بشكل زاد من وجع اليمني الذي ليس بمقدوره أن يؤثر، كما بوسعه أن يتأثر، بالمتغيرات العالمية المتسارعة بفعل إنعدام الأرضية الصلبة، التي كان بإمكانها إمتصاص الصدمات، وبالتالي، تتيح لنا الوقوف عليها، ناهيك عن هشاشة الوضع الداخلي، وقتئذ، وهو الوضع الذي تسبب، لاحقًا، ببعثرة اليمن، على طريقة بعثرة عيال الحافة لقطع الشطرنج عند سماع أول صوت لأذان الإفطار في شهر رمضان!

إنعجن وأكتوى اليمنيون، ومن قبلهم اليمن، في قرٍن مضى، وهو الأمر الذي لا يجب أن يستمر لقرن آخر، بالذات، ونحن نودع العقد الثاني من الألفية الثالثة.

لقد نجا من نجا من اليمنيين بفضل الأرضية الصلبة التي يقفون عليها.

غالبًا، تقع الأرض الصلبة بالنسبة لليمني خارج وطنه! عدا ذلك فاليمني الذي يسكن فوق أرض الله المعجونة هذه يستقبل العام الجديد، عمليًا، وهو بالكاد موجود! متفقدًا خسارته ومعاينًا ما تبقى له من نفسه.

إن ما حدث في مطار عدن - الذي لاحظ الجميع غياب الصفة الدولية عنه أثناء تداول إسمه في مختلف القنوات ومنصات التواصل - من تفجير إرهابي وجبان أثناء إستقبال حكومة معين المصيرية بعد مخاضها الطويل في عواصم عدة يعبر وبما لا يدع مجالًا للشك بأن اللعنة الجيوسياسية ما تزال تلاحقنا في هذا الجزء من العالم ولا يبدو الخلاص منها قريب، نتمناه غير بعيد، وليكن خلاصًا بالتقسيط، لا مشكلة، شريطة أن يبدأ بالنهوض بمؤسسات الدولة المتآكلة والمتهاوية والفاقدة لأبسط مقومات العمل الممنهج وأولها المؤسسات التي لها علاقة بحال الناس في الجانبين الإقتصادي/الأمني وهما الجانبان اللذان لا يمكن إدارتهما على طريقة إدارة عيال الحافة للحافة، بالطبع، تمهيدًا لعودتنا إلى باقي العالم كجزء منه، شركاء لا غرماء، كما هو الحال منذ قرن وعشرون عامًا!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى