من مواطن إلى مستر جريفيثس

> السيد مارتن جريفيثس المبعوث الأممي لليمن
تحية طيبة و بعد

لا شك أن تعيينكم مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة، وهي المنظمة العالمية المناط بها حفظ السلم والأمن الدوليين على كوكبنا، قد جاء انطلاقا من أهداف وأدبيات الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية والمتخصصة، وهذا ما يعطي لهذه المهمة بالغ الأهمية، سواء للشعب في اليمن أم للشعوب المجاورة التي يمكن أن تتأثر بما يحدث في هذه البلاد من تدمير جراء الحرب الجارية، عسكريا ومدنيا واقتصاديا واجتماعيا مع ما يرافق الحروب من كوارث متنوعة.

وحيث أنكم في الترتيب تأتون كثالث مبعوث بعد المغربي جمال بن عمر الذي تعين في أغسطس 2012 وأعلن يوم 16 أبريل/ نيسان 2015 استقالته من منصبه كوسيط أممي في اليمن. وبعد إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي أعلن رسميا تعيينه لمنصب مبعوث الأمين العام الأممي في 25 أبريل 2015، وانتهت خدمته 28 فبراير 2018. وفي 13 فبراير/ شباط 2018 أعلنت الأمم المتحدة عن تعيينكم مبعوثا أمميا إلى اليمن، خلفا لإسماعيل ولد الشيخ أحمد. ولا تزالون تؤدون عملكم في هذا المنصب حتى اليوم.

هذا يعني أن الحديث هنا يدور حول ثمانية وستين شهرا ونصف تقريبا مضت منذ اندراج الأمم المتحدة في الأزمة السياسية اليمنية، وهي فترة ليست بالقصيرة، بل هي طويلة جدا بطول معاناة الشعبين في الشمال والجنوب. وهذا يعني أن الأمم المتحدة على اطلاع بالمشكلة اليمنية منذ أن كانت أزمة سياسية وقبل الحرب التي شنها التحالف بطلب الشرعية ومباركة المجتمع الدولي لها، وإن لم يكن ذلك بإجماع مجلس الأمن.

ثمانية وستون شهرا منذ اندلاع الأزمة في بلد أكل فيه الأخضر واليابس، ودمرت فيه ما يمكن أن نسميها بالبنية التحتية في البلاد على ضآلتها، في بلد استشرى فيه الفساد كالسرطان، وحكمته دولة فاشلة بمعاييركم أيها الأمميون. ثمانية وستون شهرا ونصف كان يجب أن يتم خلالها دراسة وتمحيص المشكلة اليمنية وأسبابها والمتسببين في الحرب وتحديد أطرافها والأطراف المغذية لها وإعادة الدولة التي تفككت، ولم يتبق منها سوى التكوين الذي تسمونه الطرف الشرعي، وانتم تدركون مدى تأثيره في أرض الواقع.

السيد جريفيثس!
اسمح لي أن أكون صريحا وشفافا معك لأسألك إذا ما سمينا الأمور بمسمياتها الفعلية، وأجرينا استفتاء للشعب في اليمن حول دور الأمم المتحدة ومبعوثها، وحصرنا الاستفتاء بين الرضى وعدم الرضى، حول دوركم عند أفراد الشعب، فكم تعتقد نسبة الرضى إلى عدمه؟ دعني أخبرك بأنك لن تجد من هو راض عن دوركم، سوى بضع عشرات أو حتى بضع مئات من اليمنيين وغيرهم الذين استوعبتموهم كموظفين في بعض منظماتكم، وذلك ليس عن قناعة، بل لأنكم تدفعون أتعابهم جيدا لهم، أما الأغلبية الساحقة فهي كافرة بكم وبدوركم، ولا يعولون عليه كثيرا بعد كل هذه السنوات.

لعلني لن أصدمك أن أخبرتك أن معوناتكم، بغض النظر عن كميتها وتنوعها، لم تعد تعني شيئا للمواطن اليمني، لا سيّما بعض المعونات التي تصلح للاستهلاك الآدمي وحتى هذه تظل طريقها على الأغلب ولا تصل إلى من يحتاجونها.

دعني أخبرك، وأنا واحد من أفراد الشعب ذوي التعليم العالي، أنكم فشلتم، بإدراك أو بدونه، في تحديد أساس وأس الأزمة اليمنية، وبالتالي وجدتم أنفسكم تهدرون الوقت والجهد في أمور لا علاقة لها بالأزمة. ولا تذكر لي أنكم والصليب الأحمر قد حررتم أسرى من طرف هنا وطرف هناك، فذلك أمر بمقدور أي شيخ قبلي أن يفعله، وهم يفعلون ذلك هنا بشكل مستمر.

سيد جريفيثس!
هناك الكثير مما ينبغي قوله، ولكن الحيز ضيق لما ننشره، وسأستغل ما تبقى من المساحة لكي أذكركم بالمحورين الأساسيين للأزمة اليمنية، من منظوري كمواطن من هذه الأرض. دعني أسدي لكم نصيحة يفترض -وانتم أهل العقل والعلم والمنطق- أن تكونوا قد اكتشفتموها منذ فترة جدا مبكرة، إنهما:
+ القضية الجنوبية وحق شعبها في اختيار نظامه واستعادة دولته بقيادة المجلس الانتقالي. هذا هو أس وقوة الأزمة اليمنية.

+ الصراع على السلطة في الشمال، وهذا هو أساس المشكلة، المحوران ذكرا هنا حسب الأهمية لكل منهما.
هذان هما محورا الأزمة وكل ما تبقى هي تفاصيل صغيرة يمكن أن تحل في جلسة عمل واحدة أو عدة جلسات، لن يستغرق العمل عليهما يومين أو ثلاثة أيام.

ارجوا أن لا أكون قد أخذت من وقتكم الذي يفترض أن يكون ثمينا، هذا بافتراض أنكم بطريقة ستقرؤون ما كتبته. و أتمنى عليكم أن تكتفوا من العمل في الدهاليز والفرعيات والعودة إلى الطريق الذي يحتوي على محوري الصراع في اليمن، وإيجاد الحلول طبقا للمواثيق الأممية المتحدة والقانون الدولي.

أخير أرجوا أن تتقبلوا أصدق التحايا والأمنيات لكم بالتوفيق في كل الأمور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى