من الديوان إلى إمبراطور اليابان!

> بعد السلام، ودخولًا في صلب الموضوع نظرًا لأهميته اسمحوا لنا بداية أن نحيي فيكم روح الاستمرارية والإرادة الفولاذية والعزيمة القومية التي سمحت لكم بالوقوف من جديد بعد قنبلتين نوويتين، راهن كثير من الناس على أنها ستؤخركم عقودًا من الزمن، على أقل تقدير، فزادتكم دافعًا للتقدم، وسبقتم الزمن.

نرسل قبلاتنا الممتنة لكل سكان كوكب اليابان العزيز، من بلاد سمن القمرية وصابون زهرة وبسكويت أبو ولد والفول والتميز، ونقول لكم نحن ما زلنا حانبين حنبة بنت كلب بمَحَالّ وشركات الصرافة التي تدير اقتصاد دولة ما يزال مسؤولوها ينددون بمختلف انتماءاتهم بمظاهر الفقر والجوع، بأشد العبارات، وهم أكثر الناس استخداما (للربالات)، خوفًا على مكتسباتنا الوطنية من أن تتبعثر، ويتأنقون بربط (الكرفتات) حفاظًا على مظهرنا أمام العالم، ويرتدون (الجاكيتات) لإخفاء بطوننا الخاوية، تعبيرًا على عزة نفس الوطن والمواطن!

جلالة إمبراطور الدولة التي استخدمت الكرة الحمراء وسط اللون الأبيض تعبيرًا عن الشمس المشرقة، أخبرنا كيف استطعتم أن تصبحوا منتجين ومشرقين وعلماء؟ وكيف أصبحنا عنكم (غرباء) لهذه الدرجة؟ فلا شمس أشرقت واستفدنا منها، وما من ضوء كاشف يظهر لمسؤولينا مكامن الخلل، فنحن لا نمتلك الطاقة إلا في مواسم الشتاء الذي يأتي على استحياء، فنستغله لنعوض شهور مواسم الصيف، وهي أشهر الزمن (المُر) بالنسبة للمواطن اليمني، فندخل في بيات شتوي كالدببة، بينما من كانوا في بيات شتوي في أثناء فصول الصيف الحارقة، يعبثون بكل شيء كما يشتهون، مستغلين حالة الموت السريري للوطن والمواطن في كل الفصول!

جلالة إمبراطور اليابان المعظم، حفظكم الله ورعاكم، نحن دولة لم يتمكن فيها نظام الحكم من أن يصبح جمهوريًا بعد، وفشل في أن يصبح ملكيًا من قبل، ورضي أن (يتفدرل) مؤخرًا لكن الفدرلة لم ترض به! فما كان منه في النهاية إلا أن تحول إلى نظام حكم إقطاعي تتحكم فيه دكاكين الصرافة المنتشرة أكثر من دكاكين بيع رغيف الخبز!

جلالة الإمبراطور المعظم، استمعت لرئيس الوزراء في بلدي يتحدث عن الفساد منذ أيام والدولار الواحد يساوي 660 ريال فقمت بتغريدة (تويته) لأدعمه وأدعم كلامه فإذا بتلك التغريدة المشؤومة التي تبعت حديث رئيس الوزراء، الشاب الذي يشبهني وأشبهه، تقفز بالدولار الواحد ليساوي 760 ريال في أقل من ساعتين! هل هو خطأي أنني دعمت الرجل الذي ما زلت مؤمنًا بأنه ما يزال باستطاعته أن يعبر بأحلامنا على بساطتها نحو شواطٍئ تستوعبها تغريدته؟ أم هي غلطة رئيس الوزراء أنه جاء على سيرة الفساد فما كان من الفساد إلا أن رد عليه عملًا بحق الرد الذي كفله له الدستور؟! أم أنها غلطتنا الاثنين معًا لأننا هرفنا بما عرفنا فجاءنا الرد بما لا ينصفنا؟

جلالة الإمبراطور المعظم نادر الحضور والحديث على شاشات التلفاز، ومعها كافة وسائل الإعلام ومنصات التواصل، هناك في اليابان، الوضع يختلف هنا في اليمن، المسئولون يتحدثون كثيرًا، لكنهم لا يعملون بذات القدر، أحدثك من الديوان الآن، لكني لا أعرف ما إذا كنت قادرًا على فعل ذلك يوم غٍد، فالناس تموت هنا لسبب أو لآخر، إما بسبب ضنك الإهمال، أو بسبب نسيانهم أنفسهم جراء ضنك العيش، أو بسبب حمى الضنك نفسها!

جلالة إمبراطور اليابان، دعني أخبرك بحادثة حصلت منذ يومين في مدينة يقع على مقربة منها ما يفترض أنه قصر الحكم، ماتت أسرة كاملة حرقًا في بيتها بمدينة عدن القديمة، المدينة الأولى في المنطقة التي عرفت "الدفاع المدني"، أبٌ قليل الحيلة وأمٌ حالمٌة، ومعهما صغيرهما المقبل على الحياة، غادروا هذه الأرض، المراهقة على كِبَرّ، والمرهقة حد الضجر، والمحروقة أرضًا وبحرًا وشجرا، نحو السماء، بحثًا عمن يرحم، وتركونا نواجه مصيرنا المحتوم، مع من لا يرحم، مع من يقف في منتصف كل طريق، نحاول السير فيه، بحثًا عن أمل، حائلًا بيننا وبين رحمة الله بعبيده، عبيده الذين، وإن لم يموتوا محروقين، فثمة ألف طريقة وطريقة، ليموتوا فيها بشكل غير آدمي غالبًا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى