الهوى العدني ولملس والأرض مقابل الكلام!

> مخطئ من يظن أننا قد استعدنا عدن، بشكلها الحالي، منذ قرابة ست سنوات، فالمجتمع في عدن، وحتى في المدن المجاورة، لم يعد يرى في عدن (عدنيتها) التي طالما دغدغت مخيلة ومشاعر من كانوا يحلمون بالقدوم إليها، ويعدون العدة، قبلها بأشهر، لزيارتها، ولا ينامون، في الليالي التي تسبق وصولهم، ابتهاجًا بقرب موعد زيارتهم لها.

اسألوا إخواننا الأحبة في أبين الحبيبة ويافع المعطاءة وشبوة النخوة والضالع الأبية وحضرموت عروس الشرق وصنعاء البهاء وإب الخضراء وتعز العز، وسائر مدن اليمن الكبير، عن مشاعرهم، وهم على مشارف عدن، داخلين، آمنين مطمئنين، مبهورين وفخورين، وقتئذ، بأنهم وصلوا تلك المدينة، التي يؤمنون بأنها مختلفة، وأن بمقدورها الوقوف في صف ملكات جمال المدن العربية، دون خجل.

أعرف أن البعض سيطلق تنهيدة، حينما يَفرُغ من قراءة الفقرة أعلاه، ربما سيدندن بصوت مسموع "لسه فاكر كان زمان" ويثير فضول من حوله، ليبادرون بسؤاله: أيش في؟ أيش معك؟ ويأتي الرد بصوت مشروخ: ولا شي، بس تذكرت زمان، زمان لما كانت عدن بندر!
عدن التي عندما زارها الموسيقار العربي العبقري الراحل فريد الأطرش، قال، وهو يستنشق هوائها، مستمتعًا بشذى رائحة بخورها الفريد وهو يملأ الأرجاء: "الله على الهوى العدني".

نعم يا ساده، لقد كان لعدن مذاق ولون وروائح، وكانت بندرا، كما غناها عملاق الفكر والكلمة والأغنية الراحل أبوبكر سالم بلفقيه. لم تكن عدن، في كل مرحلة من مراحل التيه التي مرت بها، كما هي اليوم، متأثرة ومتحسرة ومنكسرة، وهي المدينة المتينة التي سبق لها مواجهة أشد الظروف صعوبًة وقسوة، طوال سنوات تاريخها المعاصر، وخرجت منها، بمعية أهلها الكرام، متماسكة ومتمسكة بموروثاتها وبتقاليدها المدنية، بأقل الأضرار الممكنة.

في أوقات الحرب، من الطبيعي أن يتصدر المشهد رجال الحرب، على أن يتولوا مسؤولية تمهيد وتأمين الطريق لحضور رجال السلم، بعد ذلك، ليقودوا المرحلة. إن من بين أبرز مشاكل عدن، تاريخيًا، أن الله خصها برجال ميامين كُثر، يحبونها ويغارون عليها، بطريقة تكاد تقتلها، بداعي الحرص، بالطبع، على طريقة: "ومن الحب ما قتل"!

سيقول بعض إن الحرب ما تزال مستمرة، وأوافقه الرأي بكل تأكيد، لكني أرى، من وجهة نظٍر شخصية متواضعة، أن الحرب التي من المفترض لها، وبها، أن تتصدر المشهد، وندعمها، ونلتف حولها، في عدن بالذات، هي تلك الحرب التنموية التي يقودها ويشرف على معاركها - التي لا تقل شأنًا عن المعارك العسكرية - الأستاذ أحمد حامد لملس، محافظ محافظة عدن، فللرجل أولويات أمنية توفر له مناخًا، يتناسب مع حجم المشاريع التي خطط لها، ويشرف على تنفيذها، والتي من شأنها أن تعيد لعدن بعضًا من حقها المفقود، وتاريخها المحسود، الذي نبكي عليه، ونحن أكثر الناس ظلمًا له، بسكوتنا عما يحدث لعدن، وفي عدن، من أمور لا ينبغي السكوت عنها مجتمعيًا، ما لم، فستضيع عدن من بين أيدينا، ولن ينفع بعد ضياع الأرض، عودتها مقابل الكلام!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى