​الإعلام الغربي وحرب اليمن

>
زادت وتيرة الانتقادات مؤخرًا على دور الصحافة الغربية في تغطية حرب اليمن وكشف الفظائع التي ترتكبها أطراف الصراع، واللافت هنا أن كل طرف يتهم الإعلام الغربي بالمحاباة وعدم كشف جرائم خصومه، وهذا غير دقيق ويدخل ضمن المهاترات الفارغة التي لا تستند إلى أي دليل، ونسوا أو تناسوا هؤلاء أنهم أمام إعلام مهني وقوي مدعوم بمؤسسات دستورية وقانونية وقضائية جعلته المرجع الأول والأهم في معرفة نتائج انتخابات رئاسة أكبر دولة بالعالم، وأخضعت رئيس أكبر دولة في العالم كما جعلت أقرب المؤسسات الإعلامية له تنحاز للمهنية وتعلن فوز بايدن.

هناك إجماع في الوسط الصحفي والإعلامي الدولي بشحة المواد الصحفية التي تغطي حرب اليمن في الإعلام، وأوعزوا ذلك إلى عدة أسباب أهمها قلة الموارد المالية لبعض المؤسسات الإعلامية الغربية، إضافة إلى صعوبة السفر والحصول على التأشيرات التي تتحكم بها الحكومة اليمنية كونها الجهة المعنية ومن خلفها التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وكذلك المخاطر الأمنية في منطقة تعتبر بؤرة لتنظيم القاعدة.

لا توجد هناك تغطية كاملة وكافية لأي حدث بالعالم، وحرب اليمن ليست استثناء رغم هول المأساة وفظاعة المشهد في بلد تعاني من أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم الحديث، لكن بالمقابل تبذل مؤسسات إعلامية قصارى جهدها للوصول لليمن رغم كل التعقيدات والمخاطر فوصلت كبرى التلفزيونات الدولية بما فيها البي بي سي و السي إن إن والفايس و ال بي بي اس، وكذلك كبرى الصحف الدولية كالنيويورك تايمز والجارديان والوول ستريت جورنال و الواشنطن بوست، ناهيك عن التغطية المستمرة لوكالات الأنباء الدولية كرويترز والأسوشييتد برس.

وبفضل تلك التغطية التي عملها المنتجون والصحفيون ببسالة وتفان وعرضة لمخاطر شخصية كبيرة، نوقشت حرب اليمن وتداعياتها في كبرى البرلمانات الدولية كالبرلمان البريطاني والكونجرس الأمريكي والبرلمان الفرنسي وحتى داخل أروقة مجلس الأمم المتحدة للإسهام في التخفيف من المعاناة والضغط لإيقاف الحرب.

تأتي أغلب الانتقادات لعدم فهم نافذة الإعلام الغربي والتي يتناول عبرها الملف اليمني، فالإعلام الغربي لا يمكن أن يهتم بالتطورات اليومية، وهذا من دور الإعلام المحلي والإقليمي. فالزاوية التي يتناولها الإعلام الغربي هي تلك الصورة الواسعة والشاملة التي تهم القارئ الغربي في الملف اليمني، أما الأحداث اليومية فهي من صميم الصحافة والإعلام المحلي والتي تواجه انتكاسة في عملها بسبب قمع وإرهاب السلطات القائمة في بعض المناطق والانفلات الأمني وعدم الاستقرار في مناطق أخرى، والأرقام التي تصدرها المؤسسات الدولية بخصوص الانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن مهولة ومخيفة، الأمر الذي جعل اليمن في قائمة أسوأ المناطق للصحفيين. فقد نشر الاتحاد الدولي للصحفيين والذي يتخذ من بروكسل عاصمة له تقريرا يعرض فيه 66 حالة انتهاك لحرية الصحافة في اليمن وثقت في النصف الأول من العام الماضي وقد دعا جميع الأطراف بما فيها الحكومة اليمنية وسلطة الحوثيين بصنعاء والمجلس الانتقالي الجنوبي لوقف الانتهاكات ضد الصحفيين واحترام حرية الصحافة. 

تكمن أهمية توفير بيئة مناسبة للصحافة الحرة والقوية في خلق النقاش العام الذي يهم المواطن ويجعله نبيهًا ويقظًا وواعيًا بمصالحه، الأمر الذي يجعله قادرًا على التغيير متى ما أتيحت له الفرصة. لا يمكن أن يصل المواطن لهذه العقلية بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى مسار طويل من المشاركة الفعلية في النقاش العام التي يجب أن توفره السلطة الرابعة - الصحافة - دون أي تدخل أو عرقلة من مؤسسات الدولة والأجهزة التابعة لها. 

على السطات الشرعية وسلطات الأمر الواقع والأجهزة الأمنية التابعة لها الكف عن مضايقة الصحفيين، وعلى أجهزة الدولة المعنية بالصحفيين الأجانب عدم عرقلة الدور المناط بالإعلام الدولي في تغطية الحرب والمأساة الإنسانية التي خلفتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى