شعب بقلب أم!

> لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يتجاهل حاجتنا للأمن، بصورة توازي حاجتنا للغذاء والماء، بعدن، في ظل الظروف الاستثنائية التي تحيط بالمدينة، وساكنيها، في آن معًا، حاليًا، وهي بالتأكيد الظروف التي أجبرتنا، وما تزال، تجبرنا، على التعاطي مع تقصير عدد من المنتمين لهذه الأجهزة، في أدائهم لأعمالهم، بقلب أم!

يشعر المواطن البسيط في عدن أنه ملزم بالتعاون مع كافة الجهات والأجهزة الأمنية كأدوات حماية لحياته، وحياة أسرته، بالطبع، لكنه أيضًا، يجد نفسه ملزمًا، في كثير من الأحيان، على تحمل طيش وتسرع، وعدم خبرة، عدد كبير، من منتسبي الجهات الأمنية، كون الحاجة لتواجدهم، قد ألحت، في ظل واقع/وقائع بالغ/ـة التعقيد، وشديدة الخصوصية، فبدا الأمر عكسيًا، حيث انقلبت عبارة "الأمن في خدمة الشعب" إلى "الشعب في خدمة الأمن"، حتى يحين الوقت الذي يستعيد الأمن فيه عافيته، ويقدم نفسه، للمواطن، بصورة أكثر تطورًا، مما هي عليه الآن، من خلال التعامل، وبالضرورة، الحضور الذهني، إنسانيًا، قبل أن يكون أمنيًا.

الجانب الإنساني، لدى رجال الأمن، من أهم الجوانب التي تجعل من مراعاة حالة الناس، المعيشية والنفسية، أولوية، من خلال التعامل معهم، وفقًا لمتغيرات الحالة الأمنية، بكل حزم، وبشكل لا ينتقص من آدميتهم في خضم ذلك.

أن توقف سيارة أو باص، أو تشارك في حماية رجل المرور الأعزل وهو يحاول تنظيم حركة السير في (الجولة)، منفذًا جزءًا من مهامك، وواجباتك الأمنية، أو كعامل تنظيمي مساعد، فهو أمر جيد، لكنك لست مجبرًا على ترويع العامة من الناس، بإطلاق عيار ناري، كل ما (عصلجت) الأمور أو خرجت سيارة عن الطابور أو مر طقم أو طقمين أمنيين أو مرافقين لمسؤول أو مأمور!

الناس في عدن، فيها، ويكفيها ما فيها من (فجايع)، وقد شاركت فعليًا، بطريقة أو بأخرى، في الحرب، وكانت من ضمن من تعرضوا لأذًى نفسي ومعنوي وجسدي بالغ، مثلها مثلك، كرجل حرب، يحاول أن يذكر الناس أنه ما يزال كذلك بافتعاله حربًا افتراضية في جولة من أكثر جولات العالم تعاسًة وازدحاما، كجولة (كالتكس) مثلًا.

الناس في عدن بحاجة ماسة لمن يشعرهم بأن حياتهم هي الهدف الأسمى الذي ينشده كل منتٍم للأمن، حتى وإن كان من خلال التعامل مع تحركات المواطنين، منفردين أو مجتمعين، أو من خلال ابتسامة تتبعها إشارة تظهر لهم من خلالها أن الأمور جميعها بخير، في أكثر الأوقات صعوبة.

يشعر الناس بمعاناة رجل الأمن الذي يقف مواصلًا ليله بنهاره دون راتب، أو براتب، يكاد يسد رمقه، في أحسن الأحوال، فكيف به يسد رمق أهله وعائلته؟! لكنها مرحلة استثنائية فعلية يمر بها الوطن بكل من يسكنه، نوجه فيها التحية، كمواطنين، لرجال الأمن، على جهودهم وصبرهم، ويبادلوننا بمثلها، على صمودنا وجلدنا، أيضًا، أمام جملة من التحديات التي واجهناها معًا، لنظل معهم، ويظلون معنا (أمٌن في خدمة الشعب وشعبٌ في خدمة الأمن) فلا وطٌن ستستقيم شؤونه بدون أمن، ولا أمن سيستطيع أن يحمي وطن بدون ثقة وتعاون شعب قلبه كقلب أم!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى