لك الله يا بلادي

> لا أعتقد أن اليمن (شماله وجنوبه) بحاجة إلى وقوف السماء بجانبه مثلما هو الآن. الآن بلادنا وصلت إلى مرحلة دقيقة جداً بعد أن فقدت الكثير من أبنائها وأصحاب الكلمة والموقف، أي قدرة على مواجهات تحديات هذا الزمان الصعب وتصويب المسار، وخاصة بعد المأزق ومصائب الحروب المتتابعة بدون انقطاع.

بلادنا اليوم بحاجة إلى فكر جديد ووسائل وإجراءات مبتكرة لحل مشاكلنا التي نعرفها جميعاً، نقف عاجزين عن مواجهتها، أما تمسكنا بشعارات جوفاء بالية، أو نتيجة للخوف مما نحن فيه نتيجة لمصائب الحروب المتواصلة القاتلة وتصرفات البعض من الخارجين عن القانون، أو قيامنا باستخدام الجديد ورفضه لمجرد أننا لسنا ضد أي "كلمة حق" تدوي بالعكس، نحن معها نساندها، ونؤازرها، ونقف بكل قوة وشجاعة وجرأة مع الذين ينطقونها، لكننا في الوقت نفسه ندين بشدة دعاوى التشهير وترويج الشائعات الكاذبة ونشر الأخبار "المفبركة" والروايات المغرضة، نحن ضد تعطيل أي حوار وطني لصالح البلاد والعباد يمكنه أن يخفف المحن التي جثمت على صدر المواطن من ناحية وغلاء الأسعار، لأن لا رقابة للأسعار تردعه وتحاسبه، ولا حوار وطني لمعالجة القضايا والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والحزبية، بحيث لا يتحرك في إطار حزبي محدود، لأننا نضع مصالح الشعب فوق كل اعتبار.

إننا لا نعترض على توجيه اللوم للحكومة إذا قصرت أو تهاونت في حق الناس، لكننا لا نوافق أبداً على الإصرار على طمس الإنجازات (إن وجدت) وإخفاء الحقائق فيما يحدث الآن من قبل بعض (المزعبقين) دعاة التهييج، والإثارة. إنما هي دعوة صريحة للمزايدين الفاسدين والفوضى ودعاة الإشاعات الكاذبة والإرهاب، من أجل أن يستشرى ويستفحل ويسفك دماء الآمنين.

لا بد أن نعي تماماً أن المعبد فوق رؤوس الجميع، وأي محاولة لهدمه سوف تنال من مرتكبيها قبل غيرهم. يجب أن ندرك كلنا أن تلويث أذهان الجماهير بالكذب والوعود الفارغة والتشييع سوف يؤدي تلقائياً إلى إصابة المعارضين قبل المؤيدين، بالإحباط والفتور وفقدان الرغبة في البناء والتجديد والابتكار.

دعونا يا إخواننا نقف صفاً واحداً ويداً واحدة لنبني وطننا الذي خربته الحروب بسبب الصراع على المصالح والمكاسب ومناصب الكراسي لا أقل ولا أكثر. إن بلادنا مجروحة في كل شيء والمصالحة الوطنية والتسامح والتكاتف الأخوي مطلوب منا جميعاً لبناء بلادنا المخربة المهدمة في كل المجالات والنواحي المختلفة.

إن حيرة المواطن أصبحت ممتزجة بالخوف والضياع والخراب، ومغموسة في الرعب من مستقبل مجهول غارق في الدماء والكثير من البلوى. ما يحدث الآن أمر شاق على النفس، أمر جديد علينا أتمنى أن تأتي النجدة من السماء وتخلصنا من هذا الوباء والبلاء والمرض والفقر والنكد، ولا أقول تخلصنا من الكابوس لأننا قد تعودنا عليه منذ خروج المستعمر الأجنبي.

لم يستطع هذا الشعب المغلوب على أمره أن يبدأ حياة جديدة يستحقها أكثر من غيره نتيجة لما جرى ويجري في بلادنا، والتركة يا إخوان ثقيلة كبيرة وجسيمة. معظم المشاكل جذورها عتيقة، لكن السبب الرئيسي لها هي الحروب المتتالية في البلاد (من يحكم من فوق الكرسي).

عرّضت هذه الحروب التي تحدث بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد كل شيء للانفلات، مما يجعلنا أن نقول بصراحة إننا لا نزال متخلفين جداً عن العالم المتقدم، والأغلبية الساحقة منا لا تعرف كم هو هائل هذا التغيير الذي يحدث في الدنيا الجديدة خلال السنوات القليلة الأخيرة. ما يحدث هو بالنسبة لنا تغيير لا يحيط به علمنا ولم تسمع به آذاننا ولم تره عيوننا إلا قليلاً، وإذا رأيناه أو سمعنا عنه لم نؤهل أنفسنا لمواجهته والتعايش والتعامل معه.

هذا الشعب يحتاج أن يحيا في كرامة، ولا بد أن يستعيد مكانته التي تتشبث بأطرافها جهات خارجية وداخلية تريد له الفقر والفوضى، وإن كانوا قد نجحوا قليلاً، لكنهم هائمين لاستكمال مؤامراتهم الحاقدة الخبيثة. فهل يعي أهل الواقع ضرورة أن نحافظ على بلادنا اليمن (شماله وجنوبه)، ونسترد مكانته قبل أن نندم جميعاً؟ وليتنا نستيقظ قبل فوات الأوان.

أخيراً ليس لدي كلام آخر أقوله من قلب حزين: "لك الله يا بلادي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى