لا تحبوا عدن بل ارحموها

> الرحمة تفوق الحب وتفوق أي شعور آخر، وحب الوطن والانتماء إليه يكون في إطار قوانين ربانية إنسانية داخل كل إنسان، ويظهر هذا الانتماء في أوقات المحن، ودائماً يظهر المعدن الأصيل في هذه الأزمات. الحب مجرد شعور ينبض به القلب، أما الرحمة فهي أوسع وأشمل، وتمتد من الشعور إلى الفعل لأنها تمتد من القلب. وليعلم من لا يعلم أن الحب شعور جميل، لكنه في أغلب الأحيان شعور سلبي، أما الرحمة فهي بالتأكيد شعور إيجابي وهو قمة الإنسانية، ومن هنا أقول:

أرجوكم.. أتوسل إليكم لا تحبوا عدن، ولا بقية المحافظات الجنوبية، بل ارحموها. لا تحبوها هذا الحب الذي لا يظهر إلاّ في الأغاني وخطب السياسيين ومواعظ المشايخ والعلماء والفقهاء ومن في حكمهم، بل ارحموها الرحمة التي أمرنا الله بها.

نرحم وطننا بأن لا نجلب له ويلات الحروب والفتن والدسائس بعضنا البعض، وأن نكون جادين في عملنا، مخلصين في أفعالنا درعاً للحق سيفاً على الباطل، نرحم وطننا بأبنائه الذين نهبت أراضيهم في (منطقة العريش) من قِبل همجيين خارجين على القانون، ونعيش في سلام ومحبة وأمان، وننهي الحروب التي تتوالى على هذا الوطن، وأبنائه المسالمين المؤمنين منذ خروج الاستعمار البريطاني في نهاية عام 1967م، نتمنى أن يحاكم المجتمع كل من يشعل الفتنة ويبذر بذروها ويسقي شجرتها، كل هؤلاء الهمجيون الخارجون عن القانون، الذين لا يحبون وطنهم هؤلاء المتخلفون يقتلون الوطن دون أن يدروا أنهم يشعلون حريقاً كبيراً لا ينطفئ، كلما خمدت نيرانه عادت من جديد أشد وأقوى، ماذا حدث لنا حتى تتواصل هذه المحن؟ أزمة وراء أزمة ونكبة وراء نكبة.. إلخ.

ارحموا الوطن، لكن لا ترحموا من أراد أن ينزع الرحمة من قلوب المواطنين الطيبين الذين يكرهون كل أذى وبلاء، ولا ترحموا من أراد أن يثير فتنة المناطقية والمذهبية وغيرها من البلوى، لا ترحموا من أراد أن يصوب رصاصته في قلب اليمن شماله وجنوبه.. لا ترحموا من يضحك علينا من جماعات أبو (شريحتين) بكلمات جوفاء ظاهرها الحب والكلام المعسول (بخطط ومشاريع يخطط لها في السماء وباطنها الحقد والكراهية والكذب والخداع).

مرة أخرى لا تصدقوا من يحب الوطن، لكن صدقوا من يرحم الوطن. نقول بهذا الكلام لاعتقادنا أن بلادنا في حاجة إلى وقوف السماء بجانبها مثلما هي الآن، فبلادنا وصلت إلى مرحلة دقيقة جداً من دمار وخراب وضياع. فقد الكثير من أصحاب الكلمة والموقف أي قدرة على العمل وتصويب المسار.

إن ما يحدث الآن أمر شاق على النفس، أمر جديد علينا، أتمنى أن تأتي النجدة من السماء وتخصلنا من هذا الكابوس، فطبيعة شعبنا وأهالينا هي التسامح والحياة في هدوء. نحن اليوم بحاجة إلى منهم أكثر صدقاً ومصداقية، ليعبروا بنا المرحلة القادمة بكل خير وأمن، واستقرار يعوضنا عن تحمّلنا، وما نعيشه أكثر من 50 عاماً من البؤس والضياع، فهل يعي أهل الواقع ضرورة أن نحافظ على بلادنا من الطامعين، ونسترد مكانتنا قبل أن نندم جميعاً، وليتنا نستيقظ قبل فوات الأوان حتى لا نصبح نردد أغنية بن سعد التي فيها "ضيعوني وهم ضاعوا معي كلهم".

في الأخير لا شك أن حالات كثيرة أصابت نفوس الشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه لما يدور حوله الآن من أحداث، منها عدم الشعور بالأمان والخوف من الغد والقلق النفسي والتوتر حتى وصل بنا الأمر إلى عدم تصديق بعضنا لبعض حتى أصبحنا نكذب الصادق وسائر المجتمع. كل هذه الرواسب الاجتماعية طغت على وجه البراءة الإنسانية التي كنا نعيشه ويرجع كما يبدو أن تلك الحالات التي كدرت صفو الحياة الهادئة عديدة لا ندري من أين نبدأ لإصلاحها اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وسياسياً وتعليمياً حتى أصاب المرض الضمائر نفسها، والله يكون في عون الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى