الحطب رزق وتدفئة لليمنيين في مواجهة صقيع العيش

> تقرير/ محمد راجح:

> ​أحدثت موجة صقيع قارس في اليمن، رواجاً كبيراً للفحم والحطب، ليمثلا مصدر رزق وتدفئة للكثير من اليمنيين في مواجهة صقيع العيش، في البلد الذي جردت الحرب المستمرة فيه، ملايين المواطنين من مصادر الدخل وحجبت معظم الخدمات الأساسية.
وتصدر الفحم بأنواعه المختلفة قائمة المتطلبات التي يلجأ إليها اليمنيون في هذه الأيام الشتوية القارسة التي اقتربت فيها درجة الحرارة من الواحدة تحت الصفر في بعض المناطق مثل صنعاء وذمار وعمران وصعدة، وذلك لتعدد استخداماته في المنازل في أعمال الطبخ بسبب أزمة غاز الطهي المنزلي التي تضرب البلاد منذ بداية الحرب.

وأدى الإقبال المتزايد على الفحم، إلى ارتفاع أسعاره إلى نحو 8 آلاف ريال (13.3 دولاراً تقريباً) للكيس (يزن 25 كيلوغراماً) بدلاً من 5 آلاف ريال قبل حلول يناير/كانون الثاني الجاري، بزيادة بلغت نسبتها 60%، بينما بلغ سعر ما يطلق عليه في اليمن "الهش" وهو نوع من الحطب، حوالي 4500 ريال من 3 آلاف ريال.
يقول طارق الحيمي، وهو تاجر فحم في العاصمة صنعاء، إن النوع الهش أصبح يلاقي رواجاً كبيراً في الآونة الأخيرة من قبل اليمنيين في جميع المناطق، لاستخدامه في مواقد التدفئة وفي الطبخ بسبب أزمة الغاز.

ويوضح الحيمي لـ"العربي الجديد"، أن تجارة الفحم مزدهرة هذه الأيام بسبب برودة الطقس، الأمر الذي دفع أسعاره إلى الارتفاع لعدة أسباب، منها شح المعروض من الفحم في المناطق التي تشهد أزمات متلاحقة في الوقود والكوارث الطبيعية وانخفاض درجة الحرارة مثل المناطق الشمالية بشكل خاص وجزء من المحافظات غرب البلاد وشرقها.

ونظراً للوضع المعيشي الصعب وانعدام فرص العمل، لجأ كثير من المواطنين، ممن فقدوا مصادر دخلهم المعيشي، إلى البحث عن مصادر دخل حتى لو كانت في أعمال لم يعتادوا عليها، مثل العمل في بيع الفحم والحطب والمواقد الترابية التقليدية التي يطلق عليها في اليمن "المدر".
من هؤلاء غسان الفقي، الذي يقول إنه امتهن تجارة الفحم منذ نحو ثلاث سنوات، بعدما فقد عمله كمعلم في إحدى المدارس الحكومية نتيجة توقف رواتب الموظفين المدنيين منذ عام 2016.

يضيف الفقي لـ"العربي الجديد"، أنه يجلب الفحم من منطقة البرح التابعة لمحافظة تعز والتي تشتهر بإنتاج أكثر أصناف الفحم رواجاً في اليمن، ويقوم بتجهيزه بشكل قطع ومن ثم نقله إلى الأسواق في مختلف المحافظات.
يمضي هذا التاجر وغيره من المضطرين الذي لجأوا إلى هذه المهنة في عملهم في التنقل بين القرى والمناطق الريفية للبحث عن الأشجار وتقطيعها وبيعها، وسط تحذيرات متواصلة من مؤسسات عامة وغيرها عاملة في مجال البيئة، من الأضرار البالغة لتقطيع الأشجار على البيئة وتدهور الأراضي وانعدام الأمن الغذائي.

وكما يعد الحطب ملاذ الباحثين عن رزق ويعد أيضا ملاذ مئات آلاف الأسر، لا سيما من دفعتهم الحرب إلى النزوح ولجأ الكثير منهم إلى مناطق الإيواء والكهوف والسكن غير اللائق.
بلال الحالي، النازح من منطقة الدريهمي الواقعة على خط تماس طرفي الحرب في الساحل الغربي لليمن بمحافظة الحديدة، مع أسرة مكونة من ثمانية أفراد، ليستقر به المقام في "دكان" صغير في منطقة السنينة غربي صنعاء، يجسد ما يعانيه الكثيرون مثله بسبب الصراع من افتقاد أبسط مقومات الحياة.

يقول الحالي لـ"العربي الجديد": "نحن محشورون في هذه المساحة الضيقة التي تتحول في المساء إلى فريزر (ثلاجة) في ظل افتقاد وسائل التدفئة والأثاث والأغطية، بالكاد أستطيع توفير احتياجاتنا الضرورية من الأكل والشرب من عملي في مجال الخردة".
وربما يواجه اليمن في 2021 عاماً آخر لن يقل صعوبة عن سابقه، إذا لم تحدث انفراجة سياسية نحو وقف الحرب. وتبذل الأمم المتحدة، منذ سنوات، جهوداً متعثرة لإنهاء الصراع عبر مفاوضات بين طرفيها، وهما الحكومة الشرعية، المسنودة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيون المدعومون من إيران.

وازدادت نسبة الجوع وسوء التغذية بشكل غير مسبوق في اليمن خلال العام الماضي 2020، وسط تحذيرات دولية من عواقب إنسانية وخيمة حال استمر الصراع دون تدخل إنساني متواصل.
يقول الخبير في مجال التغذية فواز السامعي، إن الجوع هو ما يعاني منه اليمنيون ويجعلهم غير قادرين على تحمل تقلبات الطقس وانخفاض درجات الحرارة، إذ لم يعد الكثيرون قادرين على توفير وجبات صحية ملائمة أو استكمال الوجبات الثلاث اليومية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى