الشعب يربط حزام الجوع وحكومته تربط حزام الأمان

> لا مؤشرات بالانفراجة للأزمة تظهر أمامنا نحن الشعب المسحوق سحقا تحت انقاض الانهيار الاقتصادي والتدهور المعيشي، وكما قال الشاعر (كل ما صفت غيمت)، بمعنى أننا نراقب من كثب مؤشرات الانفراجة للأزمة، وكلما لاح لنا من بعيد ملمح لتحسين الأوضاع وبدأت الابتسامات تعود للوجوه العابسة من زمن، ذاع خبر أذهبَ عنا الابتسامة وأعاد العبوس والكآبة إلى وجوه البسطاء المتوارين خلف الجدران خجلا من المطالبة بالديون والمذلولين بالسؤال والتسول ليس احترافا بل اضطرارا وانكسارا، إذ لا رواتب ولا مساعدات ولا إغاثات ولا رعاية ولا اهتمام.

الدولة هي أكثر ما تشبه كائنات البرمائيات التي تنجب وتترك صغارها لمصيرهم، غير أن البرمائيات ترشد صغارها لمكان الطعام بالفطرة وتحبسهم في مكان آمن حتى ينضجوا ويخرجوا لمصيرهم وهم على دراية وبصيرة أين يجدون طعامهم، إلا أن حكومات هذا الشعب الصامت المكبوت كمدا وقهرا تركته دون رعاية لمبرر أقنعت بها إدارتها المصابة بالعجز المقيم بأنها متضررة من جراء الحرب والأزمة الناجمة عنها.

نعم لقد ألحقت الحروب المفتوحة الضائع مفتاح إغلاقها ضررا بالغا في معيشة الشعب ولست سنوات متتالية لا موازنة ولا ميزانية وإدارة البلاد ماليا معكوسة من تاريخ الماضي الأليم للعام 2014م، عام بعد عام ومازلنا في موازنة 2014م غير المتوازنة ولا الطبيعية، فقد شهد العالم تغييرات عظيمة أبرزها تغيير الإدارة الأمريكية والاتفاق النووي مع إيران وتفشي وباء كورونا واضطراب العالم وموازنات الطوارئ في معظم دول العالم، ونحن مازلنا بالأثر الرجعي لموازنة العام البغيض 2014م الذي وقف الزمان به وتغيرت العملة شكلها وقيمتها وتغيرت معها أسعار السلع وسقطت العملة وسقط معها مستقبل الشباب والأسر التي توسعت دائرة الفقر فيها، لتشمل نمطا جديدا بدون راتب من كبار القادة العسكريين والضباط والجنود الذين دخلوا دائرة الفقر المدقع.

لكن العجيب في كل تلك المعطيات ورغم أن الشعب قد ربط الحزام ووصل إلى آخر حلقة منه وكادت بطنه أن تلتصق بظهره من شد الحزام المتخصص بالجوع، شيء غريب يلاحظه عامة الناس البسطاء أن فئة معينة من الشعب لم يصبهم ما أصاب عامة الناس من الفاقة والجوع جراء ربط الحزام، فلقد اهتم أولئك بربط الحزام بشكل دائم، ولكنه حزام من نوع أرستقراطي مطاط يمتط حيثما يريد صاحبه أن يشده ليس عليه سوى أن يحدد جهة الربط وينطلق مؤمنا عليه وعلى حياة أسرته في الأجواء على طائرات الملكية والرئاسية والديوانية والأميرية وغيرها من الطائرات الفخمة التي تحتاج توجيها من الوصيفة المضيفة رائعة الحسن والجمال وهي تقول بنعومة (أيها السادة الأعزاء عند الإقلاع أرجو ربط الحزام) فيستجيبون طواعية للأمر ويربطون حزام الأمان ليصلوا بسلامة إلى قصور وفلل وشقق فاخرة مدفوعة التكاليف من موازنة 2014م العرجاء الكسيحة لينفقوا نصفها أو أنقص منها قليلا على لوازم حزام الأمان في الطائرة وتكاليف الحقائب الوزارية الجديدة من النقل إلى الوضعية الوزارية شكلا وتشكلا بدلة جديدة وجزمة جديدة وكرفته جديدة وشنطة جديدة وساعة جديدة ونظارة جديدة وقلم جديد وتلفون ولاب توب جديد ومفاتيح جديدة لمكتب جديد وفلة جديدة وسيارة جديدة ومستر كرد جديد ورقم تلفون جديد ورقم حساب جديد ورقم رصيدي شهري جديد، كل ذلك من موازنة العام البغيض 2014م الذي أنفقته واستهلكته سنوات الحرب وتجريب الإدارات الجديدة والوزارات أبو نص وثلث وربع وثلاث أرباع كل نوع يفتح لهم الرئيس الشرعي والقائد العام للقوات المسلحة وراعي الدولة الاتحادية بابا من أبواب الرزق السياسي التوافقي والترافقي في موازنة العام 2014م.

وإن كان ذا عسرة ولم يتمكن الرئيس من الإنفاق على المناصب والمكاسب والكراسي شدوا عليه وأرخوا وزادوا وزيدوا وهجموا على خزائن البلد واقتسموا الوديعة والمستودعة لينفقوا على المتعسر والمديون والمحتاج في الفنادق وباعة الخنادق والبنادق، من أرهقتهم عمليات ربط الحزام أسوة بالشعب المسحوق الذي أنهكته توجيهات شدوا الحزام فالمراحل طوال والأزمة لم تنتهِ والحرب مستمرة، وهم منشغلون أيضا بتوجيهات اربطوا الحزام، الطائرة ستقلع بعد لحظات، فشتان بين الحزامين وشتان بين من ربط حزام الجوع في بلاده ومن ربط حزام الأمان ليخرج منها بأموال الشعب من موازنة 2014م المقيمة سبع سنوات عجاف في حكومة أجبرت الشعب على ربط حزام الجوع لتتفرغ هي لربط حزام الأمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى