الحكومة والوديعة والفضيحة !

> حظيت الفقرة التي تطرقت لموضوع التلاعب بالوديعة السعودية من تقرير لجنة العقوبات الأممية باهتمام واسع من قبل الرأي العام في الداخل والخارج، وكانت الفضيحة بأطرافها الثلاثة مدوية وصادمة لمن كانوا يعلقون أمالهم على الوديعة لإنقاذهم من العوز وجشع اللئام والحرامية.
والحقيقة إن التقرير الأممي، باستثناء ذكره لبعض الأسماء، لم يأت بجديد عما كان معروفا للناس، وما سبق للإعلام المهني أن نشر عنه، وما تم تداوله على الصعيد العام.

والحقيقة المؤلمة الأخرى تدل على أن هذه الجريمة الفضيحة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة في ظل منظومة الحكم القائمة منذ عقود بامتداداتها وخلفياتها ومكوناتها المتصارعة فيما بينها أحيانا، ولا على العلاقة القوية وحالة التشابك التي نشأت وتطورت بين أصحاب القرار والنفوذ في السلطة وجهازها الإداري الفاسد من جهة وبعضا من البيوت التجارية ورجال المال والأعمال والتجارة من جهة أخرى، أو ما يشار له بتزاوج السلطة والثروة، وتمويل الحروب وتقاسم غنائمها كما حصل في حرب 1994 على الجنوب.

والثابت أن هذه الجريمة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، ألم يسبقها خلال بضع سنوات الكثير من أمثالها؟ وإلا فماذا نسمي، مثلا، عشرات الآلاف من الأسماء الوهمية، وبالذات، في الأمن وما يقال له الجيش الوطني، والطاقة المشتراة ووقود الكهرباء، وأسرار وخفايا الحسابات الحكومية في الخارج، ومصير عائدات النفط، والتشكيلات العسكرية الوهمية، والمعارك والانتصارات التي لا وجود لها على الأرض، والأيدي الممدودة للجماعات الإرهابية؟ ألا يشكل كل هذا فضائح وجرائم من العيار الثقيل؟

لقد كان الباحث الأمريكي السيد بروز مصيبا في تشخيصه لطبيعة نظام الحكم في اليمن، فقد وصفه بأنه "حكم اللصوص للصوص من أجل اللصوص"، والثابت أن شيئا لم يتغير منذ أن أطلق هذا الوصف قبل قرابة عقد من الزمان.

القرار الخاص بتشكيل لجنة للتحقيق في ما ورد بالتقرير الأممي يؤكد ما ورد أعلاه، ويدل، بما لا يدع مجالا للشك أو للأمل، على أن الأمور تدار على غير ذي هدى! والأشد من ذلك، أن هناك مخاوف جدية وغلق مشروع من اتجاه أبطال وأطراف "الفضيحة" إلى المغامرة بعمل كارثي لعله، كما يتوهمون، يلهي الناس وكل المهتمين بمصير الوديعة وغير الوديعة؛ ولهذه الغاية، وليس لغيرها كما يعتقد البعض، وقع الاختيار على أحمد بن دغر لرئاسة لجنة التحقيق.

كل المؤشرات تدل علي إن الايام والأسابيع القادمة تحمل معها كثيرا من المفاجآت والصفقات والمقايضات ...
ومن يقرأ ما وراء سطور التقرير الأممي كاملا وليس بعضه سوف يدرك إلى أين تتجه البوصلة، وأن القرار الأمريكي الذي وضعت بموجبه الحركة الحوثية على قائمة الإرهاب سيكون المحرك للتطورات القادمة، سواء أتم الإبقاء عليه أم مراجعته وتخفيف متطلباته.

كما لا يستبعد أن يعاد طرح ما عرف "بمبادرة كيري" مع ما تقتضيه من تطوير وقوة إنفاذ، وفتح ملفات جديدة، مثل الفساد والإرهاب وغيرها.
وأخيرا أجزم أن فضائح الأربعة مليار دولار قد أغلقت الطريق وإلى الأبد على ما سمي بمفاوضات "الطرفين"، ونزعت عنها الشرعية السياسية والأخلاقية، إلا اذا كان للسيد جريفيثس رأياً آخر !

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى