الاستمرارية والتغيير

> أكثر من عامين على الحرب في اليمن والوضع مستمر كما هو، دون أن تحرز قوات التحالف والحكومة اليمنية أي تقدم في الميدان العسكري، بل شاهدنا انهيارا لأهم جبهات نهم وسقوط الجوف ومعسكرات ومناطق واسعة في مأرب، وكانت البداية في جبهة الضالع حين سلمت ألوية الإخوان مواقعها وأسلحتها للحوثيين، ولكن القوات الجنوبية وأبناء الضالع تصدوا لجحافل الحوثة وحققوا انتصارات نرفع لها القبعات.

واستمر الوضع كما هو في الساحل الغربي بفعل اتفاق ستوكهولم الذي وقعته الحكومة اليمنية مع الحوثة، وعاد الكثيرون من جنود وضباط ما يسمى بالجيش الوطني إلى أحضان جماعة الحوثي في صنعاء وسلمت لهم أسلحة من مخازن ما يسمى بالجيش الوطني بعلم قادة كبار أشار إليها التقرير الثالث للخبراء الدوليين والإقليمين البارزين، ووعد باستكمال التحقيق في هذا الأمر وتضمينه تقاريرهم القادمة.

كما لم يتحقق أي إنجاز دبلوماسي للحكومة اليومية وكان العالم وفي المقدمة دول عظمى، أمريكا مثلا، داعمة للتحالف العربي في هذه الحرب على الأقل لوجستيا، ولم تشكل أي ضغوط في عهد ترامب لإيقافها، لكن بوصول بايدن إلى البيت الأبيض الأمريكي فإن المعادلة السياسية قد بدأت في التغيير ويريد الديمقراطيون أن يحققوا نجاحا سريعا في وقف الحرب باليمن يعزز نجاحهم في الانتخابات الرئاسة الأمريكية التي شكك فيها ترامب ويعزز إجراءاتهم في إلقاء قرار ترامب باعتبار الحوثيين جماعة إرهابية، ويساهم في إنجاح سياستهم تجاه البرنامج النووي الإيراني.

إذن نحن أمام وضع حساس ودقيق ولحظة نتوقع أن تقود لتوقيف السعودية حملتها العسكرية في اليمن لتجاري السياسة الأمريكية الجديدة من جهة بمجرد حصولها على ضمانات بعدم تعرضها لهجمات حوثية ولتخلص من الأعباء العسكرية والنفقات المالية الضخمة التي تكبدتها في تدخلها بحرب اليمن مقابل نجاح محدود لا يكاد يذكر، فالتهديدات الحوثية للبنية التحتية السعودية والمرافق الحيوية قائمة وتشير نتائج بحوث ودراسات استراتيجية إلى أن المملكة قد غيرت استراتيجيتها من بدء القصف إلى استراتيجية رد الفعل على الضربات الحوثية، ويمكن أن يلحظ ذلك بوضوح أي متابع حصيف، لهذا نرى أننا أمام لحظة تغيير قد تكون فجائية وقد تتم بالتدريج.

وبرغم من أن هناك بعض مؤشرات على تصدع الوضع في إطار الحوثيين نتيجة ظهور وتصادم مصالح شخصية كبيرة، والمناطق التي يسيطرون عليها نتيجة تدهور الأوضاع إلا أن الحقيقة تبدو واضحة أن التماسك والتصلب والاستمرار في الوضع القائم قد يصمد إلى ما بعد الحل السياسي لمشاكل المنطقة.
أما في جبهة التحالف فقد شهدت تطورات دراماتيكية منذ تحرير الجنوب من غزاة 2015م وبقايا نظام الاحتلال للجنوب الذي خلفته حرب صيف 94م، فقد حاولت الحكومة اليمنية اختطاف النصر الجنوبي وتجييره لمصلحتها، ولإعادة الاحتلال اليمني للجنوب فقاوم الجنوبيون ذلك وبسطت المقاومة الجنوبية سيطرتها.

وبعد قرارات هادي الشهيرة بإقالة المحافظين والوزراء الجنوبيين تمكن الجنوبيون من تجميع قواهم وتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كقيادة سياسية وتأطير المقاومة الجنوبية في إطار القوات المسلحة الجنوبية، وتبين أن قوى النفوذ اليمنية تركز جل جهدها في محاولة إعادة الاحتلال اليمني للجنوب وتقويض النصر الجنوبي فتلاحقت حماقاتهم في يناير 2018، وفي أغسطس 2019م، ثم فجروا الحرب في شقرة 2020م، وتخاذلت في قتالها مع الحوثي، وبدأ يلوح في الأفق تحالف تركي إيراني ينعكس على شكل تحالف إخواني حوثي، ونتوقع أن مثل ما حصل من ست حروب بين الحوثي وصالح ثم التحالف الذي حصل بينهم قد يحصل تحالف إخواني حوثي بعد ست سنوات حرب هما من أشعلها، لكن ذلك قد يفشل اتفاق الرياض وقد يستفز الرئيس هادي وجناحه في الحكومة اليمنية وفد ينحو نحو تحالف أو اصطفاف جديد، لهذا فإن التغيير في هذا الإطار وارد فنتوقع استمرار الحال في جوانب ونتوقع تغييرات في جوانب أخرى وسوف يؤثر كل منهما على الآخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى