فبراير.. بركان ودكان فدخان!

> في مثل هذا اليوم، والتوقيت، ربما، من فبراير العام 2011، كنت أتحدث مع صديق عن التجمعات الشبابية المحدودة، التي كانت قد بدأت بالتوافد إلى جولات ومراكز وساحات المديريات، في مدن يمنية مختلفة، بحديث مفاده:

"إن أجمل الأمور التي من المأمول حدوثها في اليمن، المتأثرة باحتراق بوعزيزي، وإحراقه لبن علي، وحسني مبارك، لاحقًا، كنظامي حكم عربيين، هي أن تتحول اليمن، بنظام حكمها، إلى دولة ثورية على طول الخط - بمعنى أننا سنكون أمام ثورات تأكل كلًا منها الأخرى - وهو ما حدث فعليًا، من خلال تحويل المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية المزمنة، إلى حفل مسرحي وفني ساهر بعنوان "حيابهم"، فكان ما كان، وتحول، البركان الثائر، إلى مجرد (دكان) لعرض الشخصيات والمنتجات التي تعرضت لعملية إعادة (تدوير)!

تلى حفل حيابهم الفني، حفٌل آخر، بمسمًى جديد هذه المرة، وهو "الحوار الوطني"، الذي قيل، حينئذ، أنه ثورة أخرى، ضامنة لمستقبل "ثورة فبراير"، التي من المفترض بأنها كانت قد انطلقت كثورة تتطلع للمستقبل من الأساس! كيف ما تفهمش؟! يليه مباشرة حفل اتفاق السلم والشراكة، مع أنه لم يكن ثمة هناك لا سلم ولا شراكة!، وختامًا بالإعلان الدستوري، وما أرتبط به من شعارات، وخطوط عريضة، رافقتنا جميعًا، وقادتنا، نحو مؤخرة حمار حزب أوباما "الديموقراطي"، وقتذاك، وعادت هي إلى حيثما جاءت.

كيمني، كان يجب عليك أن تعرف بأن تأثيرات فبراير لم تنتهي بعد، فما يزال، بإمكان فبراير، أن يدهشك أكثر، ولذلك، كنا جميعًا على موعد مع العمل المسرحي المتمثل بأحداث 21 سبتمبر 2014، أو كما أُطِلَق عليها في حينه "متممة ثورة سبتمبر المجيدة"، حينها وصل الحوثي إلى صنعاء ليخفض من قيمة "الدبة الغاز" محيلًا حياتنا لاحقًا إلى ألغاز.

ما يزال فبراير لغز، فهنا في أقصى الجنوب، مثلًا، فضلاً على الجنوب الشرقي، والجنوب الغربي، من اليمن، ما يزال قطاع واسع من الناس، يتعاملون، مع فبراير، باعتباره شأن شمالي، بل ويرفضون الاعتراف بكونه ثورة، رغم عدم توافق هذا الرفض مع الواقع، الذي أفرزه فبراير، جنوبًا، ورغم مواكبتهم - الجنوبيين - لأحداثه منذ صافرة البداية، مُرجعين ذلك إلى أن ثورتهم قد سبقت فبراير، بأعوام، وهنا يتجسد أكثر مصطلح "ثورة تأكل ثورة".

الغريب والمريب أن جميع الأحداث المرتبطة بفبراير، جاءت تتحدث عن مستقبل اليمن، وهو البلد الذي يعود إلى الخلف، بسرعة الضوء، فمن يمن دون صالح، مرورًا بيمن دون قوى قبلية/راديكالية، وصولًا إلى يمن دون حوثي، يواصل فبراير أفعاله المدهشة، بحدث ينجب حدثا، حتى شارفنا الوصول إلى يمن دون يمنيين.

ليس بغريب أن آخر امتدادات فبراير جاءت كعاصفة، وما تزال كما هي (عاصفة)، حيثما لم يكن الحزم فيها إلا على الشعب، ولا أمٌل مرجو منها، إلا لكل طرف سياسي، جاء بالعاصفة، ولا يتمنى أن تنقضي، إلا بانقضاء حاجته منها، وهي البقاء كطرف سياسي محوري، ضمن الأطراف التي تدير العملية السياسية في اليمن، ماضيا، وراهنا، ومستقبلا، حتى وإن قضي على الشعب كُلََّه، وهو الذي سبق له أن ثار كبركان، وأنقاد للدكان، فتطاير كالدخان، ومعه ذكرى فبراير!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى