الأطفال حائط صد الميليشيات في النزاعات المسلحة

> في 7 فبراير (شباط) 2021 أعادت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية باليمن طفلاً قاصراً جندته ميليشيات الحوثي إلى أهله بعد أن زجت به في القتال الدائر في البلاد، بحضور ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وممثلي هيئة الهلال الأحمر السعودي، وهيئة حقوق الإنسان.

وبات من المعروف، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أن الأطفال يتم تجنيدهم في اليمن، ويتم استخدامهم في الصراع المسلح من قبل المتحاربين، ومعظمهم من اللجان الشعبية التابعة للحوثيين. وبحسب رافينا شمداساني، المتحدثة الرسمية باسم المفوضية، فإن الأمم المتحدة تأكدت من تجنيد 1476 طفلاً حتى اليوم في اليمن.

وبرأي شمداساني فإنه من المرجح أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير، نظراً إلى رفض معظم الأسر الحديث عن تجنيد أطفالها، خوفاً من الانتقام. وبحسب تقارير الأمم المتحدة غالباً ما ينضم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة إلى القتال نتيجة التغرير بهم، أو الوعود بمكافآت مالية أو مراكز اجتماعية.

تجنيد الأطفال حول العالم
يتم تجنيد آلاف الفتيان والفتيات في الميليشيات المسلحة كمقاتلين وطهاة وحمالين وسُعاة. كما يتم تجنيد الفتيات لأغراض جنسية أو للزواج القسري. ويتم تجنيد عديد منهم قسراً، على الرغم من أن البعض ينضم نتيجة ضغوط اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية. ويتعرض هؤلاء الأطفال لعنف هائل، وللإيذاء أو الاستغلال أو الإصابة، أو حتى القتل. وهذه المعلومات مستقاة من تقارير الأمم المتحدة و"يونيسف."

ولا بد من ذكر أن منظمة "يونيسف" أسهمت في إطلاق سراح أكثر من 100 ألف طفل من الميليشيات المسلحة حول العالم، وأعيد دمجهم في مجتمعاتهم المحلية منذ عام 1998 في أكثر من 15 بلداً تجري فيها حروب أهلية. وفي عام 2010، دعمت "يونيسف" إعادة دمج نحو 11400 طفل كانوا مرتبطين سابقاً مع الميليشيات المسلحة. وينتشر تجنيد الأطفال في الصراعات الدائرة في أفغانستان وأنغولا وبوروندي وأفريقيا الوسطى وكولومبيا وساحل العاج والكونغو وغينيا بيساو وليبيريا وموزمبيق ونيبال ورواندا وسيراليون والصومال وسريلانكا والسودان وأوغندا.

وفي 10 مايو (أيار) 2019 أفرجت مجموعة مسلحة تدعى "فرقة العمل المدنية المشتركة" في شمال شرقي نيجيريا عن 894 طفلاً كانوا مجندين في صفوفها، بينهم 106 فتيات، حسبما أعلنت "يونيسف" التابعة للأمم المتحدة.

وفي 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 كتب ضياء الدين سعيد بامخرمة، سفير جيبوتي لدى السعودي، ما مفاده أن ظاهرة تجنيد الأطفال ليست وليدة اليوم "بل تعود جذورها إلى فترات ما قبل الميلاد، كما شهدت العصور الوسطى استخداماً واسعاً للأطفال كفرسان، ومن ذلك المشاركة الواسعة لأطفال من غرب وشمال أوروبا في الحملات الصليبية ضد المشرق، وتحديداً ما يعرف بحملة الأطفال عام 1212، التي توجهت إلى بيت المقدس، وقد فقد فيها ما يقارب 30 ألف طفل سقطوا قتلى وجرحى أثناء العمليات العسكرية".

وفي ثمانينيات القرن الماضي تذكر التقارير الدولية أن إيران جندت أثناء الحرب العراقية – الإيرانية، بين 1980 – 1988، أطفالاً أعمارهم بين 8 و12 عاماً، وسقط الآلاف منهم بين قتيل وجريح. وفي السنوات الماضية في نيجيريا تشير التقديرات الأممية إلى أن جماعة "بوكو حرام" جندت واستخدمت 8 آلاف طفل تقريباً في نيجيريا بين 2009 إلى 2018.

وفي عام 2015، تحققت الأمم المتحدة من 274 حالة تتعلق بأطفال جندهم تنظيم "داعش" في سوريا. وتحققت الأمم المتحدة من أن مراكز في ريف حلب ودير الزور وريف الرقة قدمت تدريباً عسكرياً لما لا يقل عن 124 طفلاً تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة. وفي الصومال، ذكر تقرير أممي أن الجماعات المسلحة في الصومال "حركة الشباب" قامت بتجنيد واستخدام ما يصل إلى 2228 طفلاً و72 فتاة في عام 2018.

أسباب تجنيد الأطفال
في المرحلة العمرية بين 7 أعوام و12 عاماً تبدأ السمات الاجتماعية بالتشكل لدى الطفل، فيتعلم كيفية تكوين الصداقات وكيفية اتباع القواعد الاجتماعية، وهكذا يتم زرع قيم وعادات في عقول هؤلاء الأطفال تتركز حول حثهم على الاعتماد على أنفسهم من خلال الطرق الوحشية واستغلالهم وانتهاك حقوقهم.

وعادة ما يتم تجنيد الأطفال لاعتبارات اقتصادية، لكونهم أقل تكلفة من الكبار، وإن لم يكونوا بالضرورة أقل فاعلية، فالطفل الصغير لا يهمه المال والثروة، كما أنه يسهل تخويف الأطفال والسيطرة عليهم أكثر من البالغين، سواء بدنياً أم نفسياً، بحسب تقارير وتحقيقات "يونيسف". ويضاف إلى ما سبق، الميزات التكتيكية لتجنيد الأطفال، إذ يتزايد استخدامهم، ولا سيما البنات، لأغراض التجسس وتوصيل الرسائل وحمل المواد وتنفيذ هجمات انتحارية، وأسباب هذه الظاهرة نفعية في أغلب الأحوال، فالأطفال أقل إدراكاً للأخطار التي يواجهونها، ويظهرون قدراً أقل من القلق، ومن المرجح أيضاً أن ينفذوا ما يطلب منهم، ويستفيدون بصفة عامة مما يتمتعون به من ميزة إثارة بقدر أقل من الشكوك، وهي ميزة قد تكون بالغة الأهمية على سبيل المثال في الاقتراب من الأهداف.

المواثيق الدولية في مواجهة تجنيد الأطفال
في عام 1989 وقعت معاهدة حول حقوق الأطفال تحظر تجنيدهم واستعمالهم، لمن تقل أعمارهم عن 15 عاماً في النزاعات المسلحة.

وفي عام 1997 تم اعتماد مبادئ كيب تاون التي تنص على منع تجنيد الأطفال وتسريح المجندين منهم، والمساعدة في إعادة إدماجهم في المجتمع. وفي عام 1998 تم إنشاء التحالف لوقف استعمال الأطفال المجندين. وكانت منظمة "أرض البشر" (مقرها لوزان) من بين الأعضاء المؤسسين. ورفع البروتوكول الاختياري لمعاهدة حقوق الأطفال في السن الأدنى للتجنيد إلى 18 عاماً عام 2002، واعتبرت المحكمة الجنائية الدولية تجنيد أو توريط أطفال تقل أعمارهم عن 15 عاماً في نزاع مسلح جريمة حرب في العام نفسه.

إندبندنت عربية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى