حضرموت والمخدرات.. من منطقة عبور إلى سوق للترويج والتعاطي

> تقرير/ خاص

> علاقة حضرموت خاصة والوطن عموما بالمخدرات لفترة قريبة كانت مجرد منطقة عبور لدول الجوار الغنية، لكن سرعان ما تغيرت الأحوال فاستهدف الوطن كسوق للتعاطي والترويج، حيث يتم تهريبها ودخولها عبر السواحل سواء بحضرموت أو المهرة أو شبوة أو سواحل بقية المحافظات الجنوبية أو السواحل الغربية، ليتم تخزينها بالأودية والجبال والصحاري وغيرها من الأماكن لإعادة توجيهها سواء كان لداخل الوطن أو خارجه وخصوصا الدول المجاورة، لذلك فقد استفحلت هذه الآفة وانتشرت بين أوساط الشباب في محافظة حضرموت بين مروج ومتعاطٍ، وكان لزاماً مكافحتها والحد من انتشارها، لذلك الغرض أنشئت إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت فكانت المهمة صعبة في ظل إمكانيات محدودة، في العام 2017م ومنذ تولي العقيد عبدالله أحمد لحمدي زمام الأمور وقيادته لهذه الإدارة عمل على وضع خطة عامة لانتشال وضعها الذي آلت إليه والعمل على إعادة فاعليتها والقيام بواجبها لتحقيق أهدافها.

تعزيز القدرات والإمكانيات
عبدالله لحمدي
عبدالله لحمدي
يقول مدير الإدارة العقيد عبدالله لحمدي: "عملنا على تعزيز القدرات البشرية عبر استخراج توجيهات من المحافظ السابق لتعزيز الإدارة بقوة جديدة من الأفراد، حيث تم تجنيدهم من المتعاونين مع الإدارة وتميزت هذه الدفعة بعدد تسعة أفراد من الكادر المتخصص من حملة شهادة القانون، وتميزت أيضا بوجود عنصر نسائي لأول مرة بعمل الإدارة، إضافة إلى تعزيز إمكانياتها عبر متابعة قيادة الأمن بالمحافظة والسلطة المحلية، فبعد أن كانت الإدارة تمتلك أربع قطع سلاح كلاشنكوف (آلي) وسيارة واحدة تم دعم الإدارة على مراحل، وكذا دعمها من قبل التحالف ممثلة بدولة الإمارات العربية المتحدة وفق خطة الرقي بمستوى الأجهزة الأمنية وتفعيلها حيث عززت قدراتها بعدد من السيارات والأسلحة ونالت حظها من بعض الدورات التأهيلية التي عقدت ضمن هذه الخطة".

دورات تأهيلية وشراكة
وأضاف: "أقمنا الدورات التأهيلية للقوة في مجالات مختلفة كالتحقيق والتحري ودورات لغة الجسد والدورات الميدانية لقوة المهام، وعقدنا شراكات وفعاليات مع الإدارات الرسمية والمؤسسات والمنظمات المجتمعية والشبابية، وتم تفعيل الجانب التوعوي، لتوعية المجتمع بخطر المخدرات بمختلف الطرق والوسائل".

تفعيل العلاقة مع الجهات الرديفة
ومضى يقول: "عملنا على تفعيل دور الجهات الرديفة من وحدات أمنية وعسكرية عبر التوعية وإكسابهم المعارف والمهارات اللازمة، للكشف عن المخدرات والتعامل مع قضاياها، وتم وضع خطة أمنية خاصة بالإدارة وفق الاختصاص، وتفعيل العلاقة بين الإدارة والنيابات ذات الاختصاص لضمان فاعلية العمل والاتقان لنجاح القضايا لإنزال العقوبات الرادعة على مرتكبي جرائم المخدرات وفق القانون".

إحصائيات
أوضح لحمدي أن الإحصائيات تختلف من عام إلى آخر، وأيضا نوعيتها كالتعاطي أو الترويج، وكذلك أنواع المخدرات المضبوطة، ولوحظت زيادة في قضايا الترويج لعوامل عدة، وقد أوضحت الإحصائيات أن عدد القضايا خلال الأعوام من 2017م حتى 2020م بلغت "557" قضية، تنوعت بين حشيش وحبوب مخدرة ومادة الشبو ومصانع الخمور، وبلغ عدد المضبوطين "934" في الترويج والتعاطي والحيازة، فيما بلغ إجمالي كمية الحشيش "142" كيلو و "625" جراما، والحبوب المخدرة المنوعة "3148" حبة، وحبوب كبتاجون "14605"، ومادة الشبو "56" كيلو، وهذه المادة ظهرت مؤخرا في العام 2020م.

الفئات الأكثر تعاطيا
وأوضح مدير إدارة مكافحة المخدرات العقيد عبدالله لحمدي أن الفئات الأكثر تعاطيا هي فئة الشباب، مشيراً إلى أنه لوحظ في الفترة الأخيرة تنامي انتشار هذه الآفة بين أوساط النساء وصرن يُستخدمن في تهريب المخدرات كوسيلة للتمويه والإخفاء، وأيضا وجود شبكات نسائية للإيقاع بنسائنا في وحل هذه الآفة المدمرة للأخلاق والقيم والمبادئ.

بداية الطريق
وأضاف: "إن تعاطي القات ارتبط مؤخرا بتعاطي الحبوب المهدئة ولعله بداية الطريق للسقوط بوحل المخدرات، أما بالنسبة للأدوية المهدئة التي تصرف بالصيدليات فهي مشكلة متنامية وتشكل تحديا جديدا وكبيرا، كونها لا تقل خطورة عن المخدرات بل قد تزيد، كونه يسهل الحصول عليها عبر بعض الصيدليات والوكالات وأيضا لرخص ثمنها بخلاف المخدرات، إلا أنها لا تصنف من ضمن المخدرات فلا تنطبق عليها العقوبات الخاصة بقانون مكافحة المخدرات، وللعلم أكثر قضايا القتل والانتحار والجرائم الشنعاء بنسبة كبيرة تكون تحت تأثير تعاطيها".

حالات الإدمان
ومضى يقول: "بالنسبة لحالات الإدمان تختلف من شخص لآخر وبحسب نوع المخدر المتعاطي، فالحشيش لا يسبب إلا الإدمان النفسي كالدخان فلا وجود لمتلازمة الحرمان عند الانقطاع عن تعاطيه، بخلاف الأنواع الأخرى الأقوى تأثيرا كالهروين والكوكايين، ومؤخرا انتشرت مادة الشبو بشكل كبير مما ينذر بكارثة كبيرة، فتعاطيه يسبب الإدمان النفسي والجسماني، وقد يقع الواحد في إدمانه لمجرد تعاطيه للمرة الأولى بحسب الكمية والنوع، وهذا يحتاج لتدخل طبي بمراكز متخصصة لعلاجه، كونه سيعاني من متلازمة الحرمان بسبب الانقطاع عن التعاطي".

أسباب التعاطي
يقول العقيد لحمدي: "إن الأسباب التي دفعت الشباب لهذا الوحل كثيرة منها: ضعف الوازع الديني، أصدقاء السوء والبحث عن وهم السعادة، الترف والبطالة والفراغ والمجاملة وحب الاستطلاع والمشاكل الأسرية، والمفهوم الخاطئ أنها تزيد في القدرة الجنسية والسهر والمذاكرة، اعتقاد عدم تحريم المخدرات، تقليد بعض المشاهير من أهل الفن والرياضة الذين يتعاطون المخدرات، وسوء التربية وعدم اهتمام الوالدين بتنشئة أبنائهم التربية الصحيحة، وجود عصابات متخصصة لترويج المخدرات وتسهيل وصولها لأي مكان، الكسب المادي، والعمالة الأجنبية والسفر للخارج والقنوات الفضائية ووسائل الإعلام وما تبثه من برامج وأفلام تعطى رسائل سلبية، إضافة إلى تهاون الدول في محاربتها وغيرها من الأسباب".

عقوبات
وأشار العقيد لحمدي إلى أن عددا من القضايا منظورة أمام المحاكم بل هناك قضايا تم الفصل فيها والحكم، وتعددت الأحكام بين السجن خمس سنوات للتعاطي وخمسة وعشرين سنة للترويج، ونسبة كبيرة من نزلاء السجن المركزي بقضايا مخدرات، أما عن أقصى عقوبة فهي عقوبة الإعدام للإتجار بالمخدرات".

تعاون
وأوضح أن هناك تحسنا ملحوظا وكبيرا بين إدارتهم وبين المواطنين، فأكثر الضبطيات تكون عبر تفاعل المواطنين والإبلاغ من قبلهم عن أشخاص أو أماكن لتعاطي وترويج المخدرات.

تحذير
وحذر لحمدي من أخذ أي طرود من قبل المسافرين لأي شخص إلا بعد التأكد من سلامتها وخلوها من أي ممنوعات، مشيراً إلى أنه على اطلاع تام من حدوث وقائع تم من خلالها اكتشاف بعض أنواع المخدرات وخصوصا الكريستال ميث (الشبو) بالمطارات وسط طرود لمسافرين، وقد تكون بعلمه أو بدون علمه، مما يعرضه للمساءلة القانونية، مضيفا أن "الكثير من الضبطيات تم ضبطها بمطار سيئون قبل سنتين، لكن مصيرها مجهول إلى حد الآن بل على حد علمي تم إطلاق سراح المضبوطين".

مشكلة عالمية
وأشار لحمدي خلال حديثه في لقاء سابق عبر إحدى القنوات المحلية إلى أن المخدرات في انتشار سواء كانت تعاطيا أو ترويجا، معتبر أن المشكلة عالمية وكل دول العالم المتقدمة والنامية تعاني منها على حد سواء، وهو ما حتم على الدول وضع الخطط الاستراتيجية والتدخلات اللازمة والبروتوكولات والمعاهدات الدولية وإنشاء كيانات دولية متخصصة معنية بمحاربة هذه الآفة.

حلول
بالنسبة للحلول قال العقيد لحمدي في سياق حديثه "إنها منظومة متكاملة من الاستراتيجية في مجال التوعية والعمل الأمني المتخصص وتوفير الإمكانيات وتنمية القدرات وتنسيق الجهود وقيام كل جهة بما عليها من واجب، والتي تشترك فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية والسلطات المحلية والتنفيذية والقضائية والصحة والزراعة والأوقاف والتربية وغيرها من الجهات ذات العلاقة والمؤسسات والمنظمات المحلية والدولية ومنظمات المجتمع المدني والفرق الشبابية التطوعية والأسرة والأفراد".

وأضاف أنه "لا يمكن القضاء على هذه الآفة بشكل كامل، لكن نسعى ونعمل على الحد منها ومحاربتها لتجنيب حضرموت ويلاتها وأضرارها بشتى الوسائل لننعم بالأمن والأمان"، مؤكدا أن "الكل مسؤولون ومعنيون بمحاربة هذه الآفة، ووضع أيدينا بأيدي بعض ولنتعاون لمحاربة هذه الآفة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى