غرفة الشيخ

> ربما كنت أنا الولد الوحيد الذي أنشأ صداقة مع الشيخ من بين باقي الصغار، لم أكن أعرف حينها ما معنى شيخ، وما وظيفته بالحياة، سوى أنه الشخص الذي يحصل على أكثر التحايا والهدايا والاهتمام من قبل الناس.
معاذ  الشرعبي
معاذ الشرعبي


عرفت الشيخ في أحد الأعراس عندما كنا نراقب طباخ العرس وهو يعد الطعام، كالعادة التي ألفناها عند كل زفاف، نأتي مجموعة أطفال نقف أمام الطباخ ونظل نردد بصوت مشترك "نشتي مرق".

بفضل ذلك يضطر الطباخ لإسكاتنا فيخرج بعض الأكل وقليل من أسوأ اللحم الموجود داخل القِدر. يجتمع الأطفال كلهم ونهجم على قطع الشحم المتروك وسط الإناء في مدة لا تتجاوز الدقيقتين، وأحايين كثيرة كان يترجل أكبرنا سناً (حيدر) ويضع التراب في الطعام في ظاهرة تجعلنا نضحك كثيراً ونعود على إثرها جائعين.

في تلك المرة تركت الأولاد يأكلون وخرجت بين الضيوف، ولجت إحدى الغرف متسللاً دون أن أعرف بأن الشيخ متواجد هناك، كاد أحد رجاله يركلني خارج المكان إلا أن الشيخ منعه.

جلست معهم أحملق بالمسلحين تارة وبالشيخ تارة أخرى، وبعدها انشغلت بمنظر توزيع أطباق الطعام، سمعت أحد المضيفين يتذمر: "أيش جاب هذا هنه" لم أسمع أي حديث بعد لأن منظر الطعام لا يترك مجالاً للحديث أو لمس التراب، قبل الانصراف ابتسمت بوجه الشيخ وغادرت المكان.

أما بقية الأعراس فكنت أبحث عن غرفة الشيخ قبل أي شيء إلى أن عدت مجدداً للطريقة الأولى، إذ إن حصة الشيخ أصبحت تُرسل نحو بيته دون أن يأتي كما كان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى