حكومة المناصفة ومحاربة الجراد

> البلاد في حالة حرب لست سنوات، وحكومة المناصفة أطلت علينا بمفاجئة سارة، وهي التوقيع على اتفاقية لمحاربة الجراد مع برنامج الملك سلمان للإغاثة، معلنة بذلك عن إنجاز عظيم وكأنه لا يوجد شيء تعمله غير هذه المهمة الخطيرة والعاجلة، والتي تهم مستقبل ومصير الأمة، ونست مهامها التي وصلت إلى عدن من أجلها.

هناك عشرات الآلاف من البشر في عدن والمحافظات المحررة يتضورون هم وعائلاتهم جوعاً بسبب حرمانهم من حقهم في الحصول على الراتب، وهؤلاء معظمهم قضوا أكثر من نصف قرن في خدمة الدولة والبلاد وحكومة المناصفة تتجاهلهم، وهناك كل سكان عدن والمحافظات المجاورة سيواجهون الصيف القادم تحت لهيب الحرارة والرطوبة بدون كهرباء، وأيضاً هناك آلاف الناس تهدمت منازلهم أو فقدوا منشآتهم الخاصة بسبب الحرب، منتظرين الحكومة تلتفت إليهم إما تقوم بتعويضهم، أو إعادة ما دمرته الحرب، وهناك الأسعار ترتفع باضطراد بسبب سياسة البنك المركزي الفاشلة، وهناك الكثير من المهام العاجلة الأخرى التي يفترض على الحكومة إعطاؤها الأولوية، تتطلب معالجتها، ومع كل ذلك أمام هذا الوضع البائس الذي يعيشه سكان عدن والمحافظات المحررة الاخرى، تذهب لتعقد اتفاقية لمحاربة الجراد بملايين الدولارات، فكيف يمكن أن يثق الشعب بهذه الحكومة وهي لم تقم بواجباتها الأساسية، غير أنها تقوم بعلاقات عامة، تجدها تتصور وهي في مقاهي عدن أو في زيارات مجاملة هنا أو هناك، ولَم تلتفت إلى الوضع الأمني المتردي في عدن والاستمرار بالبسط على الأراضي والبناء العشوائي، وكأن الأمر لا يهمها.

ماذا عملت من أجل محاربة الفساد وقد مر علينا تقرير دولي نشر حول فساد أهم مؤسسة مالية ومصرفية؟، وماذا عملت من أجل توريد إيرادات المنافذ، وإلى أين تذهب تلك الإيرادات منذ بداية الحرب؟، والكثير من الأسئلة التي يفترض أن تكون مثار نشاط هذه الحكومة، ومنها أين تذهب مبيعات الغاز والنفط، ولماذا لم تورد إلى البنك المركزي بعدن؟

ماذا عملت من أجل تنفيذ بنود اتفاقية الرياض، والذي منها يتحدث عن نقل القوات إلى جبهات القتال، ونشاهد وزير دفاع حكومة الشرعية ينزل في مطار سيئون على السجاد الأحمر، وكأنه رئيس دولة أجنبية أو حاكم عام للبلاد ولا يحرك ساكن في نقل ألوية كثيرة موجودة بحضرموت وشبوة رابضة على حقول النفط تحمي ممتلكات المتنفذين من حكام صنعاء القدامى والجدد، وكأن معركة مأرب لا تعنيه، بل يجري تسيير قوات إضافية من مأرب إلى شقرة في هذا الوقت الذي يتطلب توحيد الجهود على الأقل للحفاظ على ماء وجه الشرعية والتحالف بالدفاع عن آخر معقل لهم على الأرض.

يجد الإنسان نفسه في حيرة، ونحتاج إلى حد من الراسخين في العلم، لتفسير لنا طلاسم هذه الحرب التي تدور رحاها، في مناطق يتم تجاهل المحاربين فيها حتى حرمانهم من التغذية والسلاح والمرتبات، وفِي مناطق أخرى يتم رفدها بكافة المستلزمات من غداء وسلاح ورواتب، لكن دون أن تدخل في أي معركة، وشيء آخر يحدث فقط في قصص الخيال هو أن تجد هناك من يتبرع من الجنوبيين بالذهاب للقتال في مأرب نيابة عن قوات الشرعية المرابطة في شبوة وحضرموت وأبين، وكأنهم "طرزانات العصر" على استعداد للدخول في أي معركة وفي أي وقت، ولا يهم المكان.

الحكومة في هذه الظروف يتطلب منها العمل بشفافية، وهي تعيش في عالم مفتوح لا بد أن تكون حذرة من تصرفاتها وسلوكها، لأن كل خطواتها مكشوفة للعالم.

الخلاصة
الحكومة معنية بتغيير سلوكها نحو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الرياض، وتتلخص في الآتي:

أولاً - دفع كافة المرتبات السابقة وتأمينها مستقبلاً بانتظام شهرياً.

ثانياً - تأمين توفير كهرباء وماء لعدن والمحافظات المحررة على مدار الساعة.

ثالثاً - إعادة إعمار ما دمرته الحرب من مساكن شخصية ومنشآت خاصة.

رابعاً - وضع خطة عمل لانتشال البنية التحتية لعدن.

خامساً - إعادة ترتيب وضع الأمن في عدن، ليكون موحداً ومهنياً بتوحيد القرار الأمني تحت قيادة السلطة المحلية.

سادساً - الوقوف بجدية أمام معضلة الأراضي ووقف التعديات عليها.

سابعاً - الوقوف بجدية أمام البناء العشوائي وإعادة الوجه المشرق للمدينة.

ثامناً - محاربة الفساد ويبدأ الكنس لهذه الآفة من الأعلى إلى الأدنى.

تاسعاً - إعادة النظر في سياسة اللجوء والنزوح إلى مدينة عدن وتجنيبها الكوارث الاجتماعية وترحيلهم إلى مناطق بعيدة، أو إعادتهم إلى مناطقهم طالما لا توجد فيها حروب.

هذه هي المهام المباشرة والملحة أمام حكومة المناصفة، وأيضاً هي نفس المهام الماثلة أمام السلطة المحلية لمحافظة عدن، ما لم فوجود الحكومة يعتبر غير مجدٍ، وإنما هو استمرار للحروب التي وجهتها الشرعية ضد الجنوب منذ فترة طويلة، لكن هذه المرة تحت سمع وبصر ومشاركة الانتقالي الذي فوضه الشعب لاستعادة دولته.

وفي الأخير سياسية التجويع والحصار وتعطيل الخدمات التي تنتهج ضد شعب الجنوب غير مجدية ومعروفة الأهداف، ولن تستطيع أي قوة في العالم إخضاع شعب الجنوب، وصبر الشعب سينفد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى