الفحم وتبييض الوجوه

> كتبنا واستشهدنا بالنص الإلهي "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، وجزمنا في الأمثلة والدلائل، بأن الكهرباء لها دوراً في استمرار كافة سبل العيش والحياة، وبكل جوانبها وأشكالها في عصرنا الحاضر. بل أكدنا أن الكهرباء عامل رئيس في توفير سر الحياة الماء أينما وحيثما وجد.
واستعرضنا أهمية توفر الكهرباء كمؤشر على رخاء وتقدم الشعوب، الاقتصادي والتنموي والثقافي.. إلخ.

ووضعنا بين عيني القارئ أرقاماً وإحصائيات تظهر مصادر الطاقة المختلفة (الوقود الأحفوري، الطاقة الشمسية، النووية.. إلخ) لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم. وكان الفحم على رأس القائمة برغم الاتهامات والهجمات الشرسة، على أنه المسبب الأول للاحتباس الحراري 65 % من إنتاج الكهرباء في الصين (أكبر منتج للكهرباء في العالم) يتم بواسطة الفحم، وسردنا الإيجابيات والسلبيات لهذا المصدر المهم. واستنتجنا أن أغلب دول العالم الثالث (كبلدنا) اختارت إنشاء محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم. هناك 400 محطة كهرباء بالفحم قيد الإنشاء حول العالم.

باستثناء الطاقة الشمسية، يعتبر إنتاج كيلو وات ساعة كهرباء من الفحم الأرخص والأقل تذبذباً مقارنةً ببقية المصادر، كما أنه الأكثر توفراً في أسواق الطاقة العديدة حول العالم، وعليه -بدون الحاجة للتخزين- يمكن شراء ووضع جبال من الفحم تكفي لشهور إن لم يكن لسنين كمصدر طاقة لمحطة توليد الكهرباء العاملة بالفحم.

ولعل الأهم أن استخدام الفحم بسبب طبيعته واستخداماته، سيقضي على كثير من التصرفات غير المحمودة وغير القانونية وغيرها تحت مسميات "الفساد". من الصعب مثلاً أن يسرق شخص طناً من الفحم.
من الواضح أن التحذيرات المستمرة في الآونة الأخيرة من قبل مسؤولين في الكهرباء هي عن صيف جهنمي سيعيشه أهل عدن، صيف لم يسبق له مثيل من قبلُ، بسبب عجوزات كبيرة متوقعة في توليد الكهرباء مقابل الطلب عليها (الحمل - Load) وبنسبة تقارب 4 إلى 1.

ويبدو أن هناك حقيقة في مثل هذه التوقعات المشؤومة بناء على ما نمر به الآن ونختبره، من انقطاعات الكهرباء الطويلة (تصل بعضها إلى 9 - 12 ساعة) ومتكررة في كافة أنحاء عدن بموسم الشتاء. فهل هذا معقول ومقبول؟
ويعزو هذا الحال المزري بعز الشتاء إلى نفاد مادتي "الديزل والمازوت" المستخدمة في توليد الكهرباء بالمحطات السيادية، وكذا المحطات الإسعافية المستأجرة. ويتم استيراد هذه المصادر من الخارج بالعملة الصعبة.

وتأتي هذه التوقعات السلبية من ذوي العلاقة برغم ما ينشر عن قرب الانتهاء من تجهيز محطة "الرئيس" الكهربائية بقدرة 268 ميجا وات، والتي من المفترض أن يتم تشغيلها باستخدام "الغاز الطبيعي". وبالتأكيد سيتم استيراده من الخارج بالعملة الصعبة.
وعلى افتراض، تم الانتهاء من محطة "الرئيس" في موعدها، فمن أين سيأتون بمصدر الغاز لتشغيلها، ونحن نرى بأم أعيننا حال المحطات العاملة بالديزل والمازوت?.

بالتأكيد سوف تتحول محطة "الرئيس" إلى "فيل أبيض" يذهب سكان عدن لمشاهدته كنوع من الفرجة.
لماذا هذا النفور نظرياً وعملياً من إنشاء محطة كهرباء بالفحم، وأنها كانت إحدى توصيات الأمم المتحدة حتى زمن قريب؟
يا سادة يا رجال يا مسؤولين يا أصحاب القرار عليكم "بمحطة كهرباء تعمل بالفحم"، لأن في هذه الحالة فقط سوف يبيض الفحم الوجوه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى