صيف الفوضى الخلاقة

> لا أدري إن كانت معركة مأرب هي نقطة الفصل والتحول في المشهد الراهن، لذا لا يجري الحديث إلا عن نقطة مأرب ومخافة السقوط بعد أن تبخرت تلك الجيوش الجرارة في جنتها، وهو الحال الذي دعا التحالف لخلق توليفة عسكرية جديدة للمواجهات في مأرب مع ترك بقية الجبهات دون أدنى اهتمام، بمعنى أن جيوش الحوثي لا تواجه إلا في مأرب، أما المعارك على الجبهات الأخرى فلم تعد ذات أهمية على الأقل من منظور قطع المرتبات، وهو الإجراء العجيب الغريب الذي لا يمكن قراءته بالأمر العادي بقدر ما هو إجراء قاسي، وربما بتقديرات خاطئة وغير محسوبة من زاوية ما يخلق من خلط وفوضى، ناهيك عن حالة عدم الثقة وتبعيات ذلك كثيرة جداً ومؤسفة، في مأرب تدار رحى الحرب، التي هي بحسب كل التقديرات، دفاعية ولا يمكنها بأي حال أن تأخذ نسقاً هجومياً، خصوصاً بعد أن تضعضعت جبهات القتال، ووصلت الأمور إلى ما هي عليه، ما يعني أن الحزم والحسم لا يأتيان من جبهة مأرب التي يتم تعزيزها بقدرات كبيرة في هذه الأثناء، بمعنى أن الجنوب هي منابع النفط فقط.

وهنا يبرز السؤال المنطقي ماذا عن جهة الضالع؟ هل هي جزء من المعركة، وهل يستحق مقاتلوها الدعم العسكري والغطاء الجوي ودفع المرتبات؟ أم أنها لم تعد ضمن حسابات التحالف، ثم ما هي الحسابات الجديدة التي تضع كامل قوات الحزام الأمني والجيش والأمن دون مرتبات لأشهر؟، هل انقضت ظروف الحرب بعد كل هذه التضحيات الجسام، وترك هؤلاء يواجهون مصيرهم؟ وهل بقية الجبهات داخلة ضمن نطاق الإستراتيجية العسكرية للتحالف، أم أن مأرب هي جبهة القتال الوحيدة؟.

ولماذا تعيش المحافظات الجنوبية أوضاعاً غاية في التردي من حيث الخدمات التي تكتفت بصورة غير عادية في هذه الأثناء التي نواجه فيها صيفاً حاراً؟.

بداية بارتفاعات غير مسبوقة في سعر العملات، وانهيار العملة المحلية، ما يعني نشر الفقر على أوسع نطاق بعد أن نفدت كل تدابير السكان، وأعجزهم الوضع القائم تماماً عن مداراة أمورهم، هكذا تعيش مدن الجنوب حالتها المؤسفة، ومنها عدن التي تبدو أزمة الكهرباء فيها قد بلغت الذروة، والحال مماثل على صعيد خدمات المياه التي هي في أسوأ حالتها، ما ينذر بانتشار الأمراض والأوبئة على أوسع نطاق، أزمات تلو أزمات بما فيها أزمة البترول والديزل ونحوها.

هل ما يجري أمر طبيعي؟ أم أن انتصارات مأرب تقتضي أن تصل أوضاع المحافظات الجنوبية إلى حال من الفوضى؟ ما هي الحكمة من ترك الجنوب يتداعى على هذا النحو؟.
فحالة التذمر بلغت أعلى مستوياتها، والإمعان في الإذلال ربما يقود إلى ما لا تحمد عقباه.

فهل نحن أمام سيناريوهات حلول سياسية وعسكرية آتية من رحم المجاعة والفوضى وترك الحبل على القارب؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى