دوخونا...

> جاء المثل الذي يقول: (رُبَّ ضارةٍ نافعة) هذا المثل ينطبق على ما يجري اليوم في بلادنا، وبلدان العالم من اجتياح مرض (الكورونا) الخطير الذي راح ضحيته مئات الآلاف، لكن لا نختلف أنَّ هذا المرض له فضيلة صغيرة، وهي إبعاد الشخص عن الآخر(ومنع التقبيل والأحضان) بين الناس بعضهم ببعض لغرض الوقاية من مرض الكورونا الخطير، وألزم البشر بوضع الكمامة على أفواههم، ولم يعد الناس يقبل بعضهم بعض؛ لأنها في الأساس عادة متميزة غير لائقة عند بعض الأشخاص، وحتى لا ينقل عدوى هذا المرض للغير.

ولا شك أن وضع الكمامة يعتبر حاجزًا منيعًا منع الناس تقبيل بعضهم البعض لسخافة المنظر، وانعدام السبب الحقيقي لذلك، وترى بعض الناس يصر على تقبيلك على الرغم من أنك لا تحب أن يقبلك أحد، وتراه يقول: حتى لو أنت لا تطيق التقبيل فإنني مصر على فعل ذلك؛ لأن لي فترة طويلة لم أقابلك، ولم أشاهدك، وقطع العادة عداوة، وهات يا تقبيل ثقيل.

وعلى ذكر ذلك، جرى حديث بين بعض الأصدقاء، أوضحوا أن هذه العادة السخيفة يستحب أن تختفي، فهي عادة تشمئز منها النفوس، وأن نتعلم من الهند واليابان والصين، والكثير قرر رفض التقبيل، فلا يقبلون أحدًا، ولا يقبلهم أحد، وأن أحدهم ابتكر طريقة، وهي أن تمد يدك متصلبة بينك وبينه فلا يستطيع تقبيلك.

وقد سأل أحدهم طبيبًا، ماذا نصنع إذا وجدنا أنفسنا أمام أصرار ضيفنا، إذا كان من هواة التقبيل والاحتضان؟ وكانت نصيحة ذلك الطبيب، أن تمد ذراعك الأيسر وتضعه على كتف ذلك الرجل القادم وبذلك تبعده عنك وتجعل التقبيل صعبًا عليه، أو مثل طريقة (أب) أحد الأصدقاء، كان يرحمه الله يؤمن بالحسد، فلا يكاد يقترب منه أحد من المعارف حتى يرفع يده في وجهه محاولا أن يتفادى نظراته قائلا "أنت صحتك كويسة جدًا" فيفزع الناس من ذلك، فيمتنعون عن مصافحته، وكان أبناؤه وأصدقاؤه يقولون له: ولكن الناس يغضبون منك، ويكون ردّه (غضبهم أهون من مرضي) طالما وأنا في بلاد تبادل القُبَل والأحضان فيها للذي يعرفك والذي لا يعرفك، هات يا قُبَل (يا بلاشاه) يا نعمة الله دومي، مثل هذا الشيء يعتبر خطأ في خطأ، خاصة أن مرض (الكورونا) على الأبواب في انتظار السماح له بالدخول إذا أمكن ذلك، وستدخل الكورونا إلى مجتمعنا طالما نزاول عادة التقبيل.

ويُحكى أن رجلا قال: يا رسول الله أحدنا قابل صديقه الغائب عنه منذ فترة طويلة، أينحني له؟ قال: لا، قال: فليلتزم ويقبله، قال: لا، قال: فليصافحه، قال: نعم. إن شاء الله، هكذا يكون المقام اللائق وليس المداكمة بالتقبيل، وربك قد حكم وألبس عباده الكمامات فوق الأفواه، وبقي كل شخص في مكانه لا يتخطى الحدود، وهذا الذي نريده، وسبق وأن شكونا للبحر همومنا طلع السمك يبكي!.

للأمانة في ظل هذه الأوضاع(المخربطة) لم تعد نعرف من معك ومن ضدك، أصبحنا (مدوخين) تائهين نتيجة لتقلبات المواقف السياسية التي يتخذها الكثير من الناس في عالمنا المتخلف المتفرغ للفتن، والحروب، والكوارث، وجاءت تلك المحن إضافة إلى محنة مرض الكورونا... انتابتنا الحسرة والريبة معا، واقفون ونحن فاتحون أفواهنا من تعجب الأشخاص ممن يهوون التقبيل والاحتضان، يغالطون الناس(الهُبل) تراهم يتنقلون من اليسار إلى اليمين، ومن الأمام إلى الخلف، ومن فوق إلى تحت، ومن الماركسية إلى الشيعة إلخ... دون أن يحسبوا لمشاعر الناس وإراداتهم... حكمتك يا رب، يا منجٍ نجنا من الخداع وإخوانه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى