حرب اليمن البدايات والنهايات المأساوية

> الحرب في اليمن بدأت مجهولة الهوية، وستنتهي كذلك، ولو رصدنا بداياتها الأولى نجد بأن هناك تحالفات متناقضة من شرعية تؤيد إسقاط عمران ( المحافظة) بدليل أن الرئيس يذهب ويعلن بأن عمران عادت إلى حضن الدولة، ومن خلف الأضواء رئيس سابق يوحي لمناصريه من المشائخ والعساكر عدم اعتراض الحوثيين في طريقهم إلى صنعاء، إلى فتح بوابات صنعاء التي كان عليها حراس أشداء لا يسمحون للنملة في الأيام العادية دخول صنعاء، إلا باْذن منهم إلى هروب قائد الفرقة الأولى مدرع وقائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في جنح الظلام تاركا ورائه ترسانة عسكرية هائلة وعاصمة البلاد مفتوحة وجاهزة للاقتحام من قبل أعدائه جماعة مران إلى استسلام حزب الإصلاح والذهاب إلى مرَّان لتقديم الولاء والطاعة لحاكم صنعاء الجديد لعمل صفقة، وكل هذه الأمور مرت تحت نظر وبصر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان جالس في جناحه بفندق موفمبيك ليستقبل ممثلي الأحزاب وقادة صنعاء الجدد لينتجوا صفقة جديدة سُميت اتفاق السلم والشراكة وهي في الأساس تم رسم خطوطها تحت أسنة الرماح ليطلبوا من هادي (الشرعية) أن يفتح لهم أبواب القصر الجمهوري للتوقيع على هذا الاتفاق الجديد وبمباركته وبهذا الإجراء تم إسدال الستار على مخرجات الحوار الوطني ودفن مقرراته ... كل ذلك السيناريو تم وكأننا نشاهد فلم من صناعة هوليود.

بعد أن استكمل الحاكم الجديد كل إجراءات السيطرة على مفاصل الدوله في صنعاء برضى كل الأطراف السياسية أتت فكرة تأليف حكومة كفاءات ولكن تلك الحكومة لم تستطع أن تقوم بمهامها في وقت يوجد في كل وزارة ومؤسسة في العاصمة لجنة ثورية شكلها الحاكم الجديد لإدارة الوزارة وتعثرت حتى وصل الامر إلى اصطدام الشرعية (هادي) مع الحاكم الجديد وكان أن تم حبسه في منزله وكل حكومته وبالذات ممن ينتمون إلى الجنوب وعند تقديم استقالته كان يفترض أن يقوم مجلس النواب بالتعاطي معها وفق الدستور، لكن الحاكم الجديد رفض ذلك وتمَّت محاصرة المجلس ومنعه من الانعقاد؛ لأن غالبية أعضاء المجلس ينتمون إلى المؤتمر الشعبي العام حليفهم وكانوا خائفين من الكمين الذي يمكن أن يعده لهم بقلب الطاولة عليهم، وهنا يمكن أن نقول بأن الحوثي خرج عن النص المعتمد.

السؤال كيف خرج الرئيس من سجنه الذي يفترض أن يكون تحت الحراسة المشددة ؟ هل لعملية استخباراتية دقيقة كما يقولون ؟ أو أنهم غضوا الطرف وساعدوه على الخروج وأشاروا له بالذهاب إلى عدن لكي يكون لديهم مبرر لملاحقته وإعادة إحكام السيطرة على الجنوب ؟ باعتقادي أن كلا النظرتين واردة؛ لأن مخرج السيناريو واحد عندها أعلن الانقلابيون همهم وهدفهم الوحيد هو محاربة الاٍرهاب والدواعش لياتي صوت من البيت الأبيض بأن ما يهمهم باليمن هو محاربة الاٍرهاب وكأن هناك عزف مشترك لسينفونية واحدة وبعدها ذهبت طلائعهم لمطاردة الرئيس الشرعي إلى عدن ولَم يعترض أحد في المحافظات الشمالية التي مروا منها؛ بل أن بعضها عقد صلح وعدم اعتداء مع الحكام الجدد، لكنهم لم يجدوا الرئيس حسب الخطة المعدة سلفًا باستدراجه إلى موقع معين ووقع بالكمين وزير الدفاع وبعض مرافقيه، أما الرئيس ولَّى هاربا تاركًا عدن لمصيرها المجهول والذي لم يعمل على إعداد خطة دفاع أو على الأقل تسليح أبنائها للدفاع عن أنفسهم وكانت مخازن جبل حديد مليئة بالاسلحة.

السؤال كيف مرَّ كل هذه المسافة إلى حدود عُمان وهناك وحدات تابعة لصنعاء في أماكن متفرقة دون أن يمسه أحد ومن عُمان غادر إلى الرياض وبعدها لحق به حزب الإصلاح حيث تموضع مع الشرعية بينما المؤتمر الشعبي العام برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح تموضع في صنعاء مع الحوثيين . هل ذلك صدفة أم أن هناك مخرج أراد ذلك ؟ اعتقد أن الأجوبة جاءت في سياق سير تنفيذ العمليات القتالية التي قادتها الشرعية والتي سيطر عليها حزب الإصلاح اليمني، وتم إقصاء كل المكونات السياسية الأخرى بما فيها تلك التي حققت النصر في كثير من الجبهات القتالية، وتصرف بغباء شديد حيث استحوذ على كل الدعم المقدَّم من التحالف وعاث فيها فسادًا، ولم يحقق أي نصر على أي جبهة|؛ بل على العكس من ذلك فقد وفر إمكانية لكي يصبح الحوثي أكثر قوة وتمكُّن من السيطرة على الأرض، ويمتلك قدرة عالية من المناورة ويتحكَّم بسير العمليات وتحول من الدفاع إلى الهجوم، وتمكن من إقصاء حليفه الزعيم علي عبدالله صالح وأصبح الحاكم الأوحد وكان ذلك بفضل الإدارة الفاشلة للشرعية، والتي لم تستطع أن تفرق بين السياسة المتوازنة لقيادة دولة مخطوفة، وبين والأطماع الشخصية والثراء الفاحش واستشراء الفساد على حساب معاناة وتشريد الملايين من اليمنيين في أصقاع الأرض وتجويع الناس في المناطق المحررة.

اليوم صحى ضمير العالم الحر بعد أن صمت ست سنوات؛ بل كان يتدخل بوقف الحرب في مناسبات عديدة لصالح طرف بعينه بحجة الوضع الإنساني والأن يريد أن يقوم بوقف الحرب.

السؤال على أي أساس يمكن توقيف الحرب وإحقاق العدل والسلام؟ هل سيتم التخلي عن القرارات الدولية التي اعتبرت الحوثي قوة انقلابية؟ وهل ستُلغى المرجعيات التي يستند عليها المجتمع الدولي في مساندته للشرعية والتي بسببها كان الانقلاب وعلى إثرها شنت الحرب؟ وماذا عن إعلان إيران بأنها قد استولت على العاصمة صنعاء؟ هل سيجبر العالم إيران بالرحيل عن صنعاء؟ أو أنه سيقايض إيران في أمور أخرى وتعطى له صنعاء كجائزة ؟ وكيف سيتم التوفيق بين الأطراف المتصارعة لاسيما وقد جرى تغيير جذري لمفهوم الدولة الذي كان سائدا قبل الانقلاب؛ بل تم تغيير كل شيىء في المناهج الدراسية في القوانين في مرجعية الحكم من جمهوري إلى سلالي يحكم على اعتبار أنهم من عترة الرسول صلعم وألا ينازعهم أحد في الحكم والكثير الكثير من المتغيرات التي جرت خلال الست سنوات الماضية؟ هل يمكن لأي قوة على الأرض تستطيع أن ترغمهم على التخلي عن السلطة بينما لم تستطع الشرعية ومن ورائها التحالف خلال ست سنوات أن توجه لهم حتى نصف هزيمه في جغرافية الشمال؟ وماذا عن القضية الجنوبية أين سيكون موقعها من كل تلك المفاوضات ؟ وماذا عن بقية ألقوى التي لها دور في القتال ضد الحوثيين كيف سيكون تمثيلهم ؟ ومن المفارقات العجيبة أن الشرعية أصبحت هي التي تطالب بالسلام والتفاوض ولا أحد يدري على ماذا تبقى لها أن تفاوض عليه.

الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الشرعية في سير عملية المعركة ضد الانقلابيين قد لوت الحبل على عنقها ولَم يتبقَ لانتحارها إلا سقوط آخر قلاعها وهي مأرب، وهذه الأخطاء الفادحة قد أطاحت بجهود التحالف في دعم الشرعية وأهدرت إمكانيات هائلة ذهبت أدراج الرياح مما أدى إلى تمكن الحوثي من أخذ زمام المبادرة في الحرب وأصبح يهدد أمن المملكة، وكل المطارات والمنشئات السعودية تحت الخطر عبر الصواريخ البالستية أو طائرات الدرونز، وخاصة بعد إخراج الحوثي من دائرة الاٍرهاب أصبحت المملكة هدف يومي تنهال عليها بالصواريخ والطائرات المسيرة. السؤال هل حصل الحوثي على صؤء أخضر لكي يكثف هجماته على الأراضي السعودية للضغط عليها بالتسليم بما يطبخ اليوم في الدوائر العالمية من حلول ؟

الخلاصة
عندما تكون البدايات خاطئة حتمًا ستكون النهايات أيضا كذلك وأي بناء لتسوية سياسية لم يأخذ بعين الاعتبار جوهر وأس المشكلة سيكون بِنَاء هش للسلام وقابل للانهيار في أول امتحان.

لم يكن يراودنا الشك في أن الاحتفاظ بقوات ضخمة في محافظتي حضرموت وشبوه وعلى مشارف عدن ولَم تستخدم في معارك استعادة الشرعية حتى وهي تشاهد بأن آخر معاقلها تدك من قبل الحوثي لم يكن إلا لتسوية الأرض لكي تكون وطن بديل لحزب الإصلاح الذي يسيطر على الشرعية والتي رئيسها جنوبي ولكي يكون هناك تفاوض بين الشرعية ممثلة بحزب الإصلاح والحوثي وحلفائه في صنعاء وتكون إيران وأنقره استلمت الجائزة الكبرى تحت ما يسمى بالحل الذي يطبخ على النطاق الدولي في مقايضات كبرى على حساب الشعوب ولكن تناسوا أن أرض الجنوب لن يكون وطن بديل لأحد ولديه مالك هو شعب الجنوب...

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى