​نحو عام جديد للمرأة

>
ما بين منعطف تاريخي طوى أوراقه، ومستجد سياسي مازالت أحداثه على نار هادئة لم تتضح ملامحه بعد، وعبر الحقب التاريخية التي مرت بها البلاد، تبرز صورة المرأة ما بين حضور مخضرم يقدم الدولة وماهيتها السياسية من خلال ما منحته من مكاسب للمرأة وصورة أخرى للنساء، تجتهد أنت كمتابع في البحث عن وجود فاعل ملتزم للمرأة فلا تجده. وهكذا هو حال قضية المرأة اليمنية تطفو على السطح وتخبو لكنها لا تموت.

ما بين حكومة هربت إلى الرياض وأخرى جاءت بعد اتفاق الرياض، فإن المنزلق الذي وضعت فيه هذه الحكومة قد تمثل باستبعادها للنساء من قوامها، بصورة لا يضاهيه بها فعل سابق قد لحق بالنساء. فقد أعمت المحاصصة وقسمة الكراسي الحكومة كسلطة تنفيذية. أما حال المستجدين في الحكومة، فقد تجاهلوا تماماً رفيقات العمل السياسي التي يلتقون معهم حول قضايا مصيرية، وانشغلوا بحكام القبضة على الحقائب الوزارية. وفي الوقت ذاته، تجاهلت الشرعية التي التزمت بهذا الحق في الدستور الوطني، كما تناست التزاماتها الدولية تجاه النساء وتوقيعها للعديد من الاتفاقيات والقوانين المؤكدة على ذلك.
وعلى الجانب الآخر، صمتت النساء الحزبيات وذوات العلاقة بالمكونات الأخرى عن توجيه اللوم والعتب، بل الضغط على أحزابها الممثلة في الحكومة بتشكيل موقع أخلاقي من إقصاء النساء، أو حتى إعلان الانسحاب من أوضاعهن السياسية، وفي الاتجاه نفسه لم يكن متوقعاً من الرعاة الإقليميين والدوليين هذا الصمت المطبق لغياب النساء عن المواقع الرئيسة، بل اكتفى المجتمع الدولي والرعاة الإقليميون بالمباركة والدعم لتشكيل الحكومة.

اليوم ونحن نتداعى للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، فإنه جدير بنا نحن النساء المعاصرات للتحولات التي شهدها اليمن وحجم التقلبات السياسية المؤثرة على قضايا المرأة، أن نرتب الأوراق ونتدارسها وننهج بالاتجاه الذي تفرضه عليها القضية الحقوقية للمرأة، وفي هذه اللحظات المستعجلة هنا اسمحوا أن أذكركن بمحطات وعتبات اجتزناها سوياً على النحو التالي:

- شكلت الوحدة اليمنية 1990 حدثا فارقا في التاريخ المعاصر لليمن، وحملت ملفات الدولة الجنوبية مكتسبات حقوقية كانت ستشكل غنى وتوجها داعما للدولة اليمنية، وهي تنهج باتجاه التعددية السياسية والنهج الديموقراطية، من هذه المكاسب الخاصة بالنساء "قانون الأسرة، محو أمية المرأة في عام 1985 في المناطق الجنوبية، المشاركة في الحياة البرلمانية والإدارة المحلية، وصول المرأة إلي قيادة مجلس الشعب الأعلى، وقف تأنيت الفقر بسبب ارتفاع نسب الاكتفاء الاقتصادي للنساء، تنوع مجالات التعليم التخصصي العالي للنساء، الحضور الملحوظ للنساء في الأجهزة الأمنية والعسكرية وغيرها من المكاسب التي لا تنكر"، لكن توجهات الدولة 1990 سارت باتجاه مختلف، عكست رؤى ومنطلقات أضرت حقوق النساء بالدرجة الأولى.

- شاركت النساء اليمنيات في المؤتمر العالمي للمرأة المنعقد في  بيجين -الصين-، وبناء على مخرجات هذا المؤتمر كانت الدعوة لرفع معدلات المشاركة النسائية في مراكز القرار إلى 30 %، وفي مؤتمر الحوار الوطني دخلت النساء بالنسبة ذاتها، علماً بأن المدى الزمني ما بين مؤتمر بيحين ومؤتمر الحوار الوطني كان كبيراً، ويفترض على أرض الواقع أن تكون اليمن قد قطعت شوطا ملحوظا في التمكين العام للنساء أسوة بنظيراتها في البلاد العربية والإسلامية. اليوم، واليمن تتأهب نحو الولوج في عملية السلام، فإن 30 % مازالت ذاتها لمشاركة المرأة في أنشطة المرحلة الانتقالية بعد وقف الحرب.

- ظلت اليمن منذ 1990 وحتى قيام حرب 2015 وبرامجها الإذاعية تتغني بالأغنية الشعبية" قولوا لمسعدة ...." كما أن المشروعات الدولية لتعليم البنات المدعومة للأسر لتشجيع البنات على التعلم مازالت تنفذ، في الوقت الذي يفترض فيه الأمر أن الدولة قد امتلكت زمام السيطرة على نشر التعليم كأولوية وطنية.

لقد عكس الواقع أن آليات التمكين العام للنساء وفقاً لتوجيهات مؤتمر بيجين، التي يجب أن تستهدف العقلية المجتمعية من خلال التعليم والثقافة والإعلام، ظلت قاصرة عن تغيير الصورة النمطية للمرأة في الذاكرة المجتمعية.
- كنتيجة لكل ما ورد أعلاه، بل أكثر من ذلك مما لا يسع المجال لذكره، فإن الحضور النسائي اليمني ظل شكليا لم يحقق تغييرا جوهريا تستقيم على قاعدته منجزات لاحقة، وظلت الفرصة الممنوحة للنساء دون بعد تنموي لا تشكل أكثر من "تجميل لوجه اليمن أمام المجتمع الدولي".
اليوم والمرأة اليمنية في التاسع من مارس تستعد لإعلان "عام 2021 عام للمرأة اليمنية"، فإن تجاربنا في مجال التمكين العام للنساء بحاجة إلى دراسة جادة تقودنا إلى رسم رؤية جديدة لنضال المرأة اليمنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى