الذبح بلا سكين !

> إذا أردت أن تقسو على إنسان ما وتغلف قلبه بالقنوط وعقله بالأسى وتجرده من صفاته الأساسية، إذا أردت أن تفعل ذلك لا تعط لهذا الإنسان عملا يقتات منه هو وأولاده، وحاربه في رزقه! ولا تترك له حاله، إذا فعلت ذلك معه فكأنك قتلته وذبحته بلا سيكين، فالعمل في التحليل المتأني ليس مصدر رزق فحسب؛ بل هو مصدر راحة نفسية ووسيلة لتأكيد الذات وبطاقة هوية يكتسب بها الفرد احترام وتقدير المجموعة ويتحمل بموجبها على حق الحياة والبقاء، إن الإنسان لا يعمل ليأكل فقط، إنه يعمل ليحيا، وليقول لنفسه وللآخرين أنا موجود.

أنا أستطيع أن أفيد وأستفيد، أنتم تحتاجون إليّ، وفي نفس اللحظة التي يفقد فيها الإنسان العمل، يضيع منه الإحساس بالشرف والكرامة، ويشعر بأنه غير مرغوب فيه من طرف المجتمع، وليس أفظع من هذا الإحساس وهذا الشعور ولا أقسى منهما على النفس الإنسانية، وقد يؤديان بصاحبهما إلى الهلاك وإلى الدمار والضياع، فيقضي على نفسه بنفسه من خلال الانتحار الذاتي أو من خلال قتل الذات عن طريق الاعتداء وقتل من حوله.

أن حرمان الفرد من العمل أو عدم توفير الشغل له من طرف المجتمع، هو أحد الأسباب الرئيسة التي تؤدي بالإنسان إلى استعمال العنف الذي أصبح سمة بارزة من سمات الحضارة الحديثة.

صحيح أن هناك مجموعة كبيرة من الأسباب الرئيسة والفرعية كالإحساس بعبثية الحياة، كما نوضح أن البطالة غالبا ما تؤدي إلى العنف والجريمة، كما يقول البعض قطع الرأس ولا قطع المعاش، لماذا يتفنن بعض المسؤولين في الإدارات الحكومية في تعذيب وتنكيد الموظفين، هل هي عادة يمنية أم أنه مرض يصيب بعض من يجلسون في مواقع المسؤولية أضف إلى معاناة المواطنين في طوابير المصالح الحكومية و(سادية) الموظفين ماركة (فوت علينا بكرة) أو عذاب المسنين وطوابير المعاشات التي تبدأ قبل ساعات الفجر بقليل، "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".

أمنيتي أن يقدم لي أي مسؤول مبررا واحدا لما تفعله بعض من الأجهزة الحكومية المختلفة لتعذيب المواطنين، إن أروقة المحاكم تتحدث عن ذلك الكم الهائل من القضايا المكدسة التي تنتظر تحديد جلسات لها لتصدر أحكامًا بأحقية المدعين بطلباتهم.

يكفي على ما نحن فيه من عجائب وغرائب أن ظهرت لنا جماعات أخرجتهم الأحداث التي تمر بالبلاد من جحورهم وراحوا يصيحون في الفضائيات الجاهلة التي انتشرت في عالمنا العربي وغيره الممولة من جهات تسعى لجر اليمن (شماله وجنوبه) آلاف السنين إلى الوراء وهو مطلب يتم من جهلهم بدين الله وتعمدهم الإتجار به؛ لأن الدعوة إلى الله لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة الجارية في بلادنا (وجادلهم بالتي هي أحسن) لا بالاقتتال والخطف وملحقاته.

إلى متى ونحن في هذه المعمعة؛ إذ منذ نعومة أظفارنا ونحن نعيش في بلادنا (الجنوب والشمال) في عالم يغص بالحروب والانقلابات والفتن والمحن لم نعش حياتنا بالمعنى الصحيح مثل بقية بلدان العالم، ونحن الآن فيها، يالله بالخراج، وعلينا أن نصبر ونتحمل فوق اللي معانا، وأن نثق بأن الشعب اليمني (شماله وجنوبه) الذي عاش ألآف السنين دون انقطاع، قادر بفضل الله أن يعيش أكثر وأكثر.. والصبر مفتاح الفرج، وبشر الصابرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى