رسالة إلى المحافظ.. عدن أولا

> فاض الكيل ووصل إلى أبعد مدى في عدن، لكن عندما كسر محافظها جدار الصمت وأعلن أن أمام الحكومة 48 ساعة لتقوم بمهامها تجاه عدن وإلا.. حينها استبشر الناس خيراً بعد أن فقدوا الأمل، لكن ما خرجت فيه الحكومة من قرارات، وما عبر عنه رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي لا يرقى إلى مستوى الأزمة التي تعيشها عدن، ويخيل للمرء وكأنه يذَر الرماد على العيون وكسب الوقت، ولَم نرَ أي مؤشرات إيجابية على المستوى المنظور.

كلها وعود عرقوبية الهدف منها شراء الوقت حتى تنضج الظروف لحلول قادمة من وراء البحار لا ترتقي إلى مستوى تضحيات أبناء الجنوب، وبما أن الحكومة لم تستطع أن تحيّد مصالح الناس الأساسية عن الصراع السياسي الدائر، بل وضعته في قلب مهامها، فوقعت في الفخ وأصبحت عاجزة مهما صرفت من وعود.

لماذا عدن تتحمل مسؤولية الإنفاق على الجميع؟ وهي المحافظة الوحيدة التي تذهب مواردها إلى البنك المركزي، بينما محافظات أخرى لا تورد إيراداتها إلى هذا البنك، كما أن إيرادات مبيعات النفط والمنافذ البرية وغيرها لم تورد إلى البنك.

وطالما الوضع هكذا، هل يفعلها المحافظ ويتخذ قراراً تاريخياً يرتقي إلى مستوى الحدث، وهو أن يحجز كل موارد عدن بحساب خاص، ويتم صرفه لتغطية احتياجات عدن، وأبرزها صرف المرتبات وتشغيل الخدمات وغير ذلك، وأنا على يقين أن تلك الموارد ستغطي كل المشاكل العالقة في الوقت الحاضر.

لا يوجد شعب بالعالم يستجدي مرتباته لعدة أشهر إلا في الجنوب، بينما كل إيرادات عدن والجنوب تذهب إلى أماكن بعيدة، ولا يوجد شعب يعاقب بتعطيل خدمات الكهرباء إلا في الجنوب، وما زال هذا الشعب صامداً ولَم يتحرك لانتزاع حقه من بين أيدي اللصوص والفاسدين.

وبمجرد أن يضع المحافظ (عدن أولاً) كهدف أساسي ويتحمل مسؤوليته التاريخية، سيجد كل أبناء عدن وساكنيها يلتفون حوله مساندين لقرارته التي سترفع عن كاهلهم كل ما يمارس عليهم من الظلم والجور.

أبناء عدن وساكنوها أثبتوا للعالم أنهم رقم صعب لن تنال منهم العقوبات الظالمة التي تمارسها الشرعية منذ العام 2015 حتى اليوم، وأنهم قلعة صامدة صمود الجنوب، الذي تكسرت على شواطئه مشاريع سياسية إقليمية.

عدن تحتاج إلى فصل بين ما هو مركزي وما هو محلي، فكل ما يخص مدينة عدن المحافظة بمؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، يجب أن تخضع لإدارة المحافظ، وحان الوقت لكي تستعيد عدن حقها في إدارة شؤونها دون تدخل أحد من الحكومة، ويجب أن يقتصر عمل ونشاط الحكومة على مهامها المعروفة، والتي تنحصر في القيام بالمهام التخطيطية والإستراتيجية، وتترك تفاصيل العمل اليومي فيما يخص عدن للمحافظ.

ومن هنا يتطلب من المحافظ استنباط أسس جديدة للإدارة وتنقيتها من الشوائب، في إدارة الموانئ البحرية والجوية والمؤسسات الاقتصادية مثل المصافي والمرافق الأخرى من مؤسسات الكهرباء والمياه وكل ما يوجد في عدن من مؤسسات خدمية أخرى، بما في ذلك التربوية والصحية والمواصلات والنفط، وغير ذلك عبر تشكيل مجالس تخصصية تحت إشرافه المباشر، كما يتطلب من الآن فصاعداً تحويل إيراداتها إلى حساب خاص في البنك أو حتى إنشاء بنك خاص بعدن، لكي يواجه فيها المحافظ صرفيات الخدمات والمرتبات وتشغيل المؤسسات وغير ذلك.

كما نأمل أن يولي المحافظ اهتمامه للعمل على ترتيب وتوحيد أجهزة الأمن والمؤسسات العسكرية بعدن في جهاز أمني وعسكري موحد يستطيع من خلاله السيطرة الأمنية والعسكرية على كل القوات المتواجدة في عدن بهدف تأمين حمايتها وساكنيها من القوى المتربصة والخارجة عن القانون.

عند ذلك سيتم تحويل عدن إلى ورشة عمل تسري في دمائها الحيوية والاستمرارية، فقط عند توفير مرتبات منتظمة العاملين فيها وتوفير الخدمات من كهرباء مستدامة ومياه نظيفة وحركة تجارية واقتصادية تسير بوتيرة عالية خالية من الابتزاز والإتاوات الخارجة عن القانون، وإنشاء منظومات عمل ينشط فيها الجميع وفقاً للأسس القانونية والإدارية السليمة دون وساطات أو إجراءات خارج النظام والقانون، وبهذا تستطيع عدن أن تخرج من دائرة الإهمال والفساد الإداري الذي كُبلت به لعقود من الزمن، وستنطلق إلى آفاق رحبه وتنعم بالخير الوفير والأمن والأمان والعيش المشترك، وتعود عدن تتألق من جديد لتأخذ مكانتها بين المدن العالمية المرموقة، وتعود إلى ريادتها التي فقدتها منذ زمن طويل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى