محو أمية المهمشين بردفان.. مبادرة فردية تحتاج جهودًا مجتمعية

> تقرير/ رائد محمد الغزالي:

> على الرغم من المعاناة المستفحلة التي تعاني منها الفئة المهمشة في مدينة الحبيلين بمديرية ردفان محافظة لحج، في جميع النواحي، إلا أن جهودا ذاتية انطلقت من صميم تلك المعاناة بمبادرة ركزت على التعليم، لمواجهة نسبة الأمية المرتفعة جدا بين سكان هذه الفئة.
صاحب المبادرة الأستاذ جمال مثنى، ينشط منذ سنوات لمناصرة قضايا المهمشين القاطنين في مدينة الحبيلين والدفاع عن حقوقهم، أطلق المبادرة بجهود ذاتية آملا أن تتحول فكرته إلى واقع يغير من حال المهمشين.

وقال مثنى لـ"الأيام" إن الفكرة جاءته من منطلق المسؤولية التي تقع على عاتقه كشيخ وممثل عن الفئات المهمشة في الحبيلين، "فكرة المبادرة طرحت في 11 سبتمبر من العام الماضي، لكن حينها لم نكن نمتلك أي مقومات تمكننا من التنفيذ، بدأنا من الصفر حيث وضعنا دراسة أولية وحددنا الاحتياجات الأساسية المطلوبة لتنفيذ أولى خطوات المشروع".

ويشير مثنى أنه عمل على الترويج لمبادرته ميدانيًا من خلال التخاطب مع فاعلي الخير وباستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، حيث لقي تفاعلًا لا بأس به من جهات مختلفة، وكانت "الأيام" قد نشرت خبرًا حول المبادرة العام الماضي ما أسهم بمزيد من الترويج.

ويوضح مثنى أهمية المشروع قائلا: "رأيت بأن تغير واقع هذه الفئة يكمن أولًا في التعليم، ونظرًا للإهمال الذي طال هذه الشريحة من قبل جهات الاختصاص سواء على مستوى المديرية أم المحافظة، وانتشار الأمية بأعلى معدلاتها إذ تجاوزت 95 %، بادرت بالعمل على إنشاء مراكز محو الأمية في أحياء المهمشين بالحبيلين".

ويعتقد بأن ذلك سيمثل نقلة نوعية لخروج هذه الفئة من دائرة الجهل إلى أفق التعليم والاندماج بالمجتمع، إذ أن أعدادا كبيرة من شريحة المهمشين لم تلتحق بالتعليم في المدارس النظامية لأسباب عديدة منها الفقر والحالة المعيشية المعقدة التي يمرون بها.

ولم يكن أحدا ليبادر بالمساهمة لإنجاح مشروع لم يرَ له أساس على أرض الواقع، لذا اجتهد المهمشون أنفسهم بتوفير المستلزمات البسيطة التي تمكنوا من توفيرها في منطقة المحوى الأسفل،"واجهتنا بعض الصعوبات وأولها عدم توافر مبنى، فتدخل أحد السكان ووفر المبنى من ملكه الخاص، كان ذلك له دور بارز في نجاح المبادرة منذ انطلاقتها وحل قضايا المهمشين حتى في كافة الجوانب " يقول مثنى الذي أكد أن المبنى لم يكن مهيئ إلا أنه حل المشكلة وأسهم في تحقيق تقدم.

ويتابع :"هناك مواطن آخر من سكان المحوى الأعلى قام بمبادرة عظيمة وجمع ما يقارب 50 شخصًا من الأطفال وكبار السن وبدأ بتعليمهم بهدف التخلص من الأمية، كان ذلك بجهده الذاتي لم يساعده أحد".

ويشير الأستاذ جمال إلى أن أول مساهمة تحصل عليه كاستجابة لمناشدات دعم المبادرة كانت عبر منسق مشروع الأمن الغذائي بالمؤسسة الطبية الميدانية فضل شعفل، من أحد فاعلي الخير،"كذلك قدم لنا خيرون من أهالي الحبيلين بعض المساعدات لتجهيز المركز، وبفضل الله ثم بفضلهم تم افتتاح المركز على صورته الحالية حيث يضم 40 امرأة".

ونظرًا للكثافة السكانية التي تعرف بها مناطق تواجد المهمشين، يضطر مثنى للعمل فترتين صباحية ومسائية ليتمكن من استيعاب أكبر عدد ممكن من المستهدفين.
وأوضح بأن هناك احتياجات مطلوبة لاستمرار العمل وتحقيق أهداف المشروع مستقبلًا كالتشطيبات الداخلية ودورات المياه والتأثيث والمستلزمات اللازمة للعملية التعليمية، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه وعلى الرغم من النقص إلا أن العملية تسير على قدم وساق وبلا مقابل.

وتطرق مثنى إلى إشكالية تواجه المركز حاليًا وهي إقبال الشباب وكبار السن للالتحاق بالتعليم، لكن ضيق المكان لا يسمح بذلك ويتطلب إنشاء فصل آخر.
وقال :"إذا كان الفصل الأول لم يتم تجهيزه بالكامل، فكيف سيتم إنشاء فصل آخر .. المكان متوافر لإقامة الفصل ولكن التجهيزات هي المعرقل وليس لدينا أي دعم يتيح ذلك".

وقدم مثنى مناشدة لتقديم الدعم المالي أو المادي، مطالبًا الجهات ذات الاختصاص في المديرية والمحافظة بإنشاء فصل أو مخيم لإنجاح المشروع الهادف للتخلص من الأمية، واعتماد المركز ضمن الدعم الحكومي وتدخلات المنظمات الدولية الداعمة لقطاع التعليم.

وقال: "ولمسنا بعض المساهمة من قبل مدير محو الأمية في المديرية محمود عمر، تمثلت بتوفير المنهج، وكذا من مصنع ردفان الأوتوماتيكي للبردين، ومؤسسة روابي ردفان الخيرية، ودعم معنوي من مكتب التربية والتعليم في المديرية، وهناك خيرون مشكورون قدموا لنا المساعدة ورفضوا البوح عن أسمائهم، ولا ننسى أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير لمدير عام المديرية مشعل الداعري، الذي سارع في نجدة الأسر المهمشة التي تضررت من الحريق الذي التهم منازلهم بتقديم المساعدات الإيوائية والغذائية، ووعد بمتابعة وتلبية احتياجات المركز مع الجهات المسؤولة".

كما ناشد المؤسسات والجمعيات المحلية والمنظمات الدولية لتقديم المساعدات الغذائية لهذه الفئة مراعاة للظروف المعيشية القاسية التي يمر بها الشعب عامة والمهمشون بشكل خاص.
ويؤكد مثنى بأن هناك مقتدرون في المدينة يغضون النظر عن المشروع الإنساني وتقديم المساعدة للمركز، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة ما بدأ به، فهو يعمل حاليًا على إنشاء فصل تعليمي في حي الكهرباء الغربي للأسر النازحة من المحافظات الأخرى من فئة المهمشين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى