آآلللووووو... يا أمم!

> ينبغي علينا توخي الحذر الشديد عند حديثنا عن السيادة الوطنية( كمفهوم سياسي) لليمن كدولة. فالحقيقة المرة التي يجب أن نقولها و نعترف بها تتمثل في أن ذلك المفهوم في زمننا الحاضر، لا يحمل الدلالات نفسها التي يحملها في القانون الدولي، أو المفهوم المعرفي الإنساني العام السائد عند كل البشر، المتمثل في سيادة الدولة اليمنية (أو غيرها) وبسط نفوذها الكامل على كل الأراضي والبحار والسماء الداخلة في الحدود الدولية للدولة، وقبل كل ذلك تأمين الحماية الكاملة وحفظ حقوق المواطنة لكل المواطنين، الذين يشكلون شعب الدولة سواء في داخل البلاد أو في خارجها وفقًا للقوانين والمواثيق الدولية المنظمة لذلك الشأن. فنحن كمواطنين في اليمن، لم يتبقَ لنا من الحقوق سوى حق الحصول على وثيقة السفر أو جواز السفر الذي لا يمكن الحصول عليه بسهولة، وحتى عملية الحصول على تلك الوثيقة تدار من خلال الشبكة العنكبوتية من دولة أخرى، حيث يقيم رئيس البلاد وحكومته. عن السيادة الوطنية لا تحدثني فكل البلاد بشماله وجنوبه، يديرانها رجلان من غير أهل البلاد، يحمل كل منهما رتبة سفير لدولته. وهما من يحددان ما يجري في منطقتي نفوذهما. هذان الرجلان هما من يحددان متى تغلق حدود البلاد، ومن يدخل و من يخرج منها؟ ومتى تدخل المؤن اللازمة للعيش كالرز والدقيق والدهون و كذا الأدوية التي يتطبب بها الناس؟. متى يدخل الوقود اللازم لحركة وحياة أكثر من ثلاثين مليونًا من البشر ومتى يتوقف؟ باختصار نفس الرجلان هما من يحددا كيف نعيش والمستوى الذي نعيش فيه من خلال قيمة العملة (الوطنية) بالنسبة لغيرها، هما من يحددان أن تستلم القوى الوظيفية التابعة للدولة رواتبها الشهرية، وهما من يحددان متى تتوقف الحياة ومتى تنهض؟ دعونا لا نتحدث عن السيادة أكثر ففيها يكمن الوجع المتوالي الذي يسكننا بقدر ما أهدرناه من كرامة وعزة أمة كانت عبر التاريخ مثالًا للأنفة والشموخ والنخوة العربية الأصيلة والشجاعة والشهامة. وحتى لا نصل إلى درجة، نعود فيها إلى قراءة التاريخ وما يذكره عن علاقة العرب اليمنيين بغيرهم من عرب الجزيرة منذ نحو ألف ونيف من السنوات.

اللوحة السياسية في اليمن بشكل عام، اليوم، تخبرنا عن أن أطراف الصراع السياسي والعسكري (المحلية) لا يعترفون بقيمة معنوية هامة مثل السيادة. فقد أمن لهم الباب السابع من قانون مجلس الأمن ومعه الهدية التي أرفقوها به المتمثلة في القرار سيئ الذكر الموسوم برقم 2216 أن يسحبوا المداخيل السيادية للنفط والغاز وغيرها إلى بلد الإقامة التي هم فيها يعيشون، لكي يتصرفوا بها ويتعيشون منها وينفقوا منها على ملذات العيش الكثيرة، التي أدمنوها على مدى ست سنوات والسابعة التي بدأت منذ أيام ..مع قدرتهم على التصرف بالأموال العامة إلى درجة سرقة رواتب مئات الآلاف من موظفي الدولة وأمنها وجيشها دون رادع أو حسيب أو محاسب. لقد تمت عملية الاستقطاب السياسي لكل أطراف الصراع السياسي بشكل مكشوف وشفاف وأصبحت(الدولة) ممزقة شر تمزيق، بل وصارت في حكم العدم عند أهلها، و ربما غيرهم، سوى رؤوس من وجدوا أنفسهم متورطين في هذه التراجيديا(العربيمنية). كل ذلك يحدث أمام الشعب ودول العالم دون أدنى خجل يمس اللصوص الشرعية وغير الشرعية، ومستضيفيهم من الدول، عربًا وعجمًا ممن كنا نظنهم دول تحترم حقوق الشعوب، فإذا بها هي من تمارس لعبة تعذيب الشعوب، وهي من تقنن المهازل وتعولمها طبقًا للقانون الدولي(!) ومتطلبات العولمة المشوهة.

ضاعت السيادة يا صاح، ومن الصعب عودتها في زمن انقرضت فيه المعجزات. وما تبدى لنا بمرور الزمن هو ملامح تمزيق أكبر قادم وتبدت بعض ملامحه الشنيعة، يستهدف هذه الأرض وهذه الجغرافيا التي قد تحمل مسميات جديدة، ألم يقولوا تجزئة المجزأ وتقسيم المقسوم. في تقديرنا المتواضع تجاه هذه الأزمة المركبة على مدى ثلاثين عامًا من الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، نرى إنه لأمر شجاع وعظيم يجب علينا فعله وهو أن نخرج من هذه الظروف والحروب بأقل الخسائر الممكنة إن لم يزل باق فينا شيء من الصدق وشيء من بقايا كرامة. اعتقد أن هذه هي مهمة من تبقى من الشرفاء في هذه البلاد. نعم في ظل الدولة الفاشلة، والصراع على حكم الوطن المتشظي بوحدته، لا شيء يمكن أن يتحسن دون ولادة جديدة للدولة في الجنوب والدولة في الشمال.. والأخير أقرب إلى شكل الدولة التي قد لا تكون المثلى لكنها الممكنة. إن لكل شيء ثمنه، لقد غدروا بالوحدة.. ولذلك الثمن الذي يجب أن يدفعه الجميع بغض الطرف عما صنعته الأحلام المسروقة من ألم في قلوب الناس. إن الأحلام الجميلة هي تلك التي تحقق مصالح الناس (كل الناس) وليس البعض وهذا أمر أثبتته وقائع الحياة.. ولنا في القارة العجوز والإمبراطورية العجوز أيضًا عبرة. هل نعتبر، أم نظل في (الهمبكة)؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى