أزمة الغاز.. بحث شاق وأسعار مضاعفة

> تقرير/ محمد راجح:

> ​ما أن حل شهر رمضان، حتى أطلت أزمة خانقة في غاز الطهي بالعاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المدن، لتختفي هذه المادة من مراكز التوزيع ومن يعرفون بـ"عقال الحارات" بينما قفزت أسعار تعبئة الأسطوانة (القارورة) إلى الضعف في السوق السوداء.
ووصل سعر التعبئة إلى نحو 7 آلاف ريال (11.7 دولار) مقابل 3500 ريال، خصوصاً في صنعاء ومناطق شمال اليمن، بعد انخفاض كبير في المعروض بالأسواق ولدى نقاط التعبئة ومسؤولو التوزيع، الذين توقفوا عن تدبيرها للمستهلكين بسعر تفضيلي.

ومنذ نحو عام حددت شركة الغاز الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، آلية توزيع الغاز للمواطنين في صنعاء والمناطق الخاضعة لنفوذهم عبر من يطلق عليهم "عقال الحارات"، فيما سمحت للمحطات بتموين السيارات وحافلات النقل فقط.
وكل ثلاثة أسابيع تُصرف أسطوانة واحدة لكل أسرة، بينما يتجه بعض السكان الذين يحتاجون إلى كميات إضافية إلى السوق السوداء.

وقال المواطن حسن الحيمي، من سكان صنعاء لـ"العربي الجديد"، إنه يبحث منذ ثلاثة أيام عن قارورة غاز دون جدوى، الأمر الذي جعله يعتمد على الأسواق والمطاعم والمخابز في توفير أهم احتياجاته الغذائية، وهو ما لا يقوى على تحمله في حال استمرت أزمة الغاز الراهنة.
بينما أكد المواطن مصطفى عبدالله أنه تمكن من الحصول على أسطوانة بعد رحلة بحث شاقة ولكن بسعر مضاعف بلغ 7 آلاف ريال، اضطر للاستدانة من أجل الحصول عليها في ظل الاحتياج المنزلي الشديد للغاز.

وعزت مصادر الأزمة الحالية إلى شح الكميات الواردة من الخارج، لكنها أعربت عن أملها في انحسار الأزمة مع قرب وصول سفينة محملة بغاز الطهي إلى ميناء الحديدة غرب اليمن، كانت محتجزة من قبل قوات التحالف في عرض البحر منذ أشهر.
في الأثناء، كشف مسؤول في الشركة اليمنية للغاز في صنعاء، استئناف عمليات التوزيع خلال الأيام المقبلة عبر "عقال الحارات"، ولكن بسعر جديد، بسبب "حصار التحالف واحتجازه للسفن المحملة بالغاز" على حد قوله، مشيرا إلى أنه بموجب التسعيرة الجديدة التي تدرس الشركة تطبيقها قد يصل إلى 4560 ريال للقنينة.

وتخضع خطوط الشحن التجارية، ومنها سفن الوقود المتجهة إلى اليمن، لنقاط تفتيش تابعة لثلاث دول، وهو ما يثير تحفظ شريحة واسعة من اليمنيين مع تأخر الشحنات وارتفاع أكلافها، ما ينعكس زيادة أسعار في السوق. ولا تشمل عملية التفتيش السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين فحسب، بل أيضاً تلك التي يستقبلها ميناء عدن الخاضع لنفوذ الحكومة اليمنية، الذي تعتمد عليه خطوط الشحن التجاري في اليمن بنسبة تزيد عن 75%.

وتبرز أزمة استيراد الوقود كقضية رئيسية في مختلف المباحثات التي جرت لإيجاد حل للحرب في اليمن. ويطالب الحوثيون قبل البدء بمباحثات حول الحلول المعروضة لإيقاف الحرب، على إيجاد حل جذري لمشكلة استيراد الوقود والسماح بدخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة من دون أي عراقيل أو تفتيش كما يحدث منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات.

ويؤكد مراقبون أن المعارك الدائرة في محافظة مأرب (شرق) منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، كان لها تأثير واضح أيضا على عملية نقل الغاز من الحقول الإنتاجية إلى الأسواق في صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية.
وانعكست أزمة الغاز على أسعار الوجبات في المطاعم، لتزداد بنسبة 50% منذ بداية شهر رمضان، الأمر الذي أرجعه عاملون في القطاع إلى اعتماد المطاعم على السوق السوداء في توفير الغاز، ما دفع تكلفة الحصول عليه إلى الضعف في الأيام الأخيرة.

وتغذي شركة الغاز الحكومية في مأرب، احتياجات معظم المحافظات اليمنية بالغاز المنزلي الذي يتم إنتاجه من القطاع (18) النفطي التابع لشركة صافر الحكومية، منها 100 ألف قنينة كانت تصل يومياً إلى صنعاء و8 محافظات خاضعة لسيطرة الحوثيين.
وقال منذر سالم، وهو موزع معتمد لغاز الطهي في صنعاء، إنه بجانب المعارك الدائرة في المناطق القريبة من مواقع الإنتاج وما فرضته من صعوبات في عملية النقل، وتقلص الواردات من الخارج، جاءت الأزمة النقدية لتزيد من تفاقم أزمة الغاز في العديد من مناطق اليمن.

ويفتك الصراع الدائر في اليمن منذ نحو سبع سنوات بمعيشة المواطنين الذين أضحى أكثر من 70% منهم تحت خط الفقر وفق بيانات الأمم المتحدة، بينما تتصاعد التحذيرات الدولية من تفاقم الصعوبات في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وحذّر أكثر من مسؤول أممي، أخيراً، من تدهور الأوضاع المعيشية لليمنيين في ظل عودة شرسة للوباء، حيث لم يعد المزيد من الناس بإمكانهم تحمل تكاليف الطعام أو المواد الأساسية الأخرى، مؤكدين أن نقص الموارد يسرع من تفشي المجاعة وتدهور الأوضاع الإنسانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى