الإعجاز العلمي

> قال تعالى: {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ، وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}.
وقوله: {مَوْزُونٍ} (وزن ميزان الحكمة، وقدر بمقدار يقتضيه لا يصلح فيه زيادة ولا نقصان)؛ ولذلك اتبعه بقوله: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}؛ لأن ذلك يحسب بحسب الانتفاع بعينه.

والحقيقة هي أننا نجد قرينة دالة على معنى التقدير بمقدار معلوم في كلمة {مَوْزُونٍ}، هذه القرينة نفهمها من سياق الآيات الكريمة بعد ذلك، وهي قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}؛ فالآية ظاهرة الدلالة على أن ما يتفضل الله به إنما هو وليد الحكمة في الخلق والتقدير والاتزان؛ فليس من شيء ينزل جزافا، وليس من شيء يتم اعتباطا.

إنه عالم مترامي الأطراف، غني بشتى أنواع النبات والأشجار وفصائل النبات والأزهار ووافر الثمرات والغلات، التي يتغذى عليها الملايين من البشر، وما لا ينحصر من المخلوقات المتنوعة التي تعيش وتدب في الأرض، أو تسبح في الفضاء، أو تغوص في قاع الماء، رأينا الحب والنوى يحفظ الحياة داخل البذرة، ثم ينقل هذه الحياة إلى جذيرها وسويقها، ورأينا في عملية الإنبات تلك الشعب والشعيرات الهينة اللينة تخترق الأرض الصلبة، وتشق طريقها الصعب الوعر، باحثة عن غذائها وعامل نمائها؛ فتعطي الثمر الكبير الحجم والوزن المتفاوت والثمر المختلف شكلا وملمسا ولونا ورائحة وطعما ومذاقا، وكلها بديع التنسيق والتكوين، وهي تسقى بماء واحد وتتغذى من تربة واحدة.. {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُون}.

ورأينا في النبت الموزون مع الاختلاف والتعدد دقة الخلق وأحكام التقدير، نعم لقد رأينا جملة النبات تتفاوت في تركيبها وقدراتها، غير أننا قد رأينا فيها جميعا قدرة الخالق، فسبحان من أوجد الوجود ونظمه، وخلق كل شيء وألهمه، وهدى كل حي وعلَّمه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى