الصوماليون الأحباش بصمة مميزة في تراث إثيوبيا

> «الأيام» اندبندنت عربية:

>
  • يطلق على هذه البلاد اسم متحف الشعوب لتعدد قومياتها..
الصوماليون، بحكم الدواعي التاريخية والحضارية في منطقة القرن الأفريقي، ظلوا جزءًا من تركيبة الشعب الإثيوبي، ولعل العامل الذي أدى إلى تكوين "الإمبراطورية الحبشية" من أجناس متعددة، هو نفسه الذي جعل "العفر" في الشرق المتاخم لجيبوتي، و"بني شنقول" في الغرب المحاذي للسودان، وجعل الصوماليين جزءًا أصيلًا في الحياة الإثيوبية في أفراحها، وأتراحها، وهمومها، وخبز الـ"إينجيرا" الموحد للشعوب الإثيوبية.

متحف الشعوب
وتتميز التركيبة السكانية لإثيوبيا في تعدد قبائلها وقومياتها، ويأتي اسم الحبشة، بمعنى الخليط، وفق ما يشير إليه المؤرخون، وتمتد خريطة القوميات لتشمل إلى جانب القومية الصومالية في الشرق، قومية الـ"أورومو" في غرب وجنوب ووسط إثيوبيا، وقومية الـ"أمهرة" في الشمال، وقومية الـ"تيغراي" في الشمال، وقومية "العفر" في الشرق، وقوميات جنوب إثيوبيا إلى جانب "هرر"، و"بني شنقول قمز".

ويصل تعدد قوميات البلاد إلى نحو 80 قومية، وصفها المستشرق الإيطالي كارلو كوننتي روسيني بأنها متحف الشعوب، ومن مميزات هذا المتحف أنه يغلب عليه الطابع الشرقي، وهذا ما دفع بعض الرحالة والكتّاب للقول إن "إثيوبيا جغرافيًا تتبع لأفريقيا، ولكنها ليست منها"، ويحمل هذا الوصف حقيقة الواقع، فوجودها في أفريقيا أمر مسلّم به، إلا أن روابط الحبشة الاقتصادية والاجتماعية والدينية، خلال مسيرتها التاريخية الطويلة كانت دائمًا مع البلاد الواقعة عبر البحر الأحمر، في الشرق، أكثر مما كانت مع بلدان أفريقيا، ليحدث هذا التداخل الطبيعي بين الشعوب في تلك المنطقة.

الإقليم الصومالي
إقليم الصومال الإثيوبي، أحد أهم الأقاليم الإثيوبية في شرق البلاد، وعاصمته هي مدينة "جيقجيقا"، وتقع على بعد 620 كيلومترًا عن العاصمة أديس أبابا، تحده من الشرق دولة الصومال، ومن الغرب إقليما "هرر"، و"أوروميا"، وإقليم "عفر" الإثيوبي شمالًا، يتمتع بثروة حيوانية من الإبل والماشية، يعتمد عليها قطاع كبير من سكان الإقليم إلى جانب الزراعة.

ويسمَّى الإقليم التاسع إداريًا، ويشكل الصوماليون الإثيوبيون إحدى أهم القوميات العرقية في إثيوبيا، ويقدر عددهم بنحو 4,500,000 نسمة.

ويقول معتصم عبد القادر الحسن مدير المركز الأفريقي للاستشارات: "حياة الصوماليين الإثيوبيين لا تختلف عن حياة وهموم غيرهم من قوميات البلاد، فهم مكوّن ضمن النظام الاجتماعي والسياسي، ولهم همومهم في الإقليم المتمتع بإدارته الفيدرالية المستقلة، وجميع الشباب الصوماليين، يتطلعون للهجرة إلى أوروبا والغرب، وجعلت ظروف الحرب في الصومال الأم، خلال عقد التسعينيات، الانتشار أوسع، ولا يتوقف الأمر على الغرب وحده، وإنما على دول الجوار الأفريقي أيضًا، مثل كينيا، وأوغندا، والسودان، وغيرها من دول أفريقية هاجر إليها الصوماليون، وأصبحوا يشكلون فيها واقعًا جديدًا يضاف إلى واقعها".

النكهة الصومالية
وفي إطار عاداتهم، فالصوماليون في إثيوبيا يحتفظون بكامل تقاليدهم الصومالية، فطعامهم يتصدره لحم وحليب الإبل، و"الباسطة"، و"المشبك"، و"القروء" (خليط حليب الإبل بالذرة)، ولهم زيهم الخاص المحتشم، ولهجتهم تتميز بنبرة مرتفعة.

وفي المنطقة المسماة "روندا"، في وسط العاصمة أديس أبابا، هناك حياة صومالية بكامل نكهتها، سوق للحاجيات الصومالية من ملابس، ومحال لبيع الحلويات، وهناك المطاعم والمقاهي حيث تسمع الموسيقى والأغاني الصومالية، إلى جانب أنواع عديدة من الطعام، الذي يميز هذه الشعوب، وتعتبر منطقة "روندا" من أهم الأحياء الصومالية، إلى جانب أحياء صومالية أخرى منتشرة في العاصمة، ولكنها أقل حركة.

ويقول الأكاديمي حسن مهدي إسحاق: "لا يختلف الصوماليون كثيرًا عن أهل الشرق، فهم يحتفظون بتقاليدهم في الأعياد، والمناسبات المستسقاة من الثقافة العربية الإسلامية، فضلًا عن عادات الزواج المتصلة بالعرف القبلي، وما يتبع ذلك من مهر يتفاخر بأعداد الإبل لدى وجهاء القبيلة"، ويضيف حسن، "العادات القبلية لا تزال في البادية، إلا أن عامل الإسلام له تأثير في حياة الصوماليين في مختلف شؤونهم، وهم الشعب الأفريقي الوحيد الذي ظل يحتفظ بعاداته على الرغم من تأثير العولمة في كثير من المجتمعات، وما زالت الفتيات الصوماليات يرتدين الزي الإسلامي، ونقلنه أيضًا إلى بعض المجتمعات".

وعن التفاعل مع الحياة الإثيوبية، يضيف، "المجتمع الصومالي في إثيوبيا جزء من البلاد بحكم الوطن الواحد، لكن، وفق النظام الفيدرالي الذي يتيح للقوميات الإثيوبية الاحتفاظ بثقافاتها، فالصوماليون الإثيوبيون يحتفظون بلغتهم كلغة تعليم، إلى جانب اهتمامهم باللغة العربية كلغة حضارة يرتبطون بها، وبالثقافة الصومالية كجزء من التراث الإثيوبي في النظام الفيدرالي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى