مقارنة بين موقفي مجلس القضاء في مصر واليمن

> إشكالية الاختصاص في تعيين وإقالة النائب العام
> منذ بضعة أيام مضت، تداولت وسائل الإعلام أخبارًا حول لقاء الرياض بين الرئيس هادي ومجلس القضاء الأعلى، والنتائج التي توصلت إليها مناقشات هذا اللقاء للقرار الجمهوري رقم 24 لسنة 2021م، بشأن تعيين العميد(أحمد الموساي) نائبًا عامًا للجمهورية.

كما تضمنت تلك الأخبار ردود أفعال وبيانات وآراء لعدد من منتسبي السلطة القضائية، ونادي القضاة الجنوبي، وآخرين من المختصين والخبراء بالشؤون القانونية، وجميعها رأت "أن نتائج لقاء الرياض جاءت مخيبة للآمال، وفيها مخالفات للدستور وقانون السلطة القضائية".

إن هذا التفاعل الذي عبَّر من خلاله نادي القضاة الجنوبي، والغالبية من منتسبي السلطة القضائية عن اعتراضهم على قرار تعيين العميد(الموساي) نائبًا عامًا، وكذا نتائج لقاء الرئيس بأعضاء مجلس القضاء، موضحين أنها إجراءات مخالفة للدستور وقانون السلطة القضائية، وتدل على عدم وجود نية حقيقية لإصلاح منظومة القضاء، ووقف ما يسودها من ممارسات الفساد، والعبث التي أكدوا "أن استمرارها سيؤدي لانهيار السلطة القضائية بالكامل، وخلق وضع قضائي غير مستقر خدمةً لتوجهات سياسية حزبية".

إن هذا الموقف والحرص الذي أبداه منتسبو السلطة القضائية في الجنوب، يذكرنا بواقعة مماثلة حدثت بمصر عام 2012م، أبان فترة تولي الرئيس الراحل محمد مرسي، رئاسة مصر، حيث كان لمجلس القضاء المصري موقفًا معارضًا لها، أما النسخة اليمنية من هذه الواقعة المشابهة التي حدثت عام 2021م، فقد اتخذ مجلس القضاء اليمني تجاهها موقفًا مؤيدًا.

وللتذكير نشير إلى أن الواقعة المصرية حدثت بعد أن أصدر الرئيس المصري محمد مرسي، بتاريخ 22 نوفمبر 2012م إعلانًا دستوريًا مكملًا، تضمن حزمة من القرارات منها:

جعل القرارات الرئاسية نهائية، وتتمتع بالحصانة، وغير قابلة للطعن من أي جهة أخرى، مثل (المحكمة الدستورية).

كما أجاز الإعلان لرئيس الجمهورية وبقرار منه، أن يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية، لمدة 4 سنوات، تبدأ من تاريخ شغل المنصب، مما ترتب عليه إقالة النائب العام المستشار،(عبد المجيد محمود) وتعيين(طلعت إبراهيم) بدلًا عنه، لكن النائب الجديد (طلعت إبراهيم)، وبعد شهر من تعيينه، قدم استقالته إلى المجلس الأعلى للقضاء، وذلك على خلفية احتجاج المجلس، وعدد من القضاة، وأعضاء بالنيابة على قرار تعيينه.

وردًا على صدور الإعلان الدستوري، أوضح المجلس الأعلى للقضاء بمصر، أن الإعلان الذي أصدره الرئيس مرسي، فيه "اعتداء غير مسبوق" على استقلال القضاء وأحكامه، مؤكدًا أن المجلس هو المعني بشؤون القضاء والقضاة.

عمومًا ردود الفعل والاعتراضات على الإعلان الدستوري، لم ترد من قبل أعضاء السلطة القضائية فقط، وإنما جاءت من عدة قوى سياسية واجتماعية، ناهيك عن الشارع المصري الذي شهد استقطابًا شديدًا، وانقسم بين مؤيد ومعارض للإعلان الدستوري، كما انطلقت في كل أنحاء مصر، التظاهرات المؤيدة والمعارضة، فتجمع مؤيدو القرار أمام قصر الاتحادية، فيما تجمع بميدان التحرير المتظاهرون المعارضون للقرار.

بعدها توالت الأحداث تباعًا لتنتهي بالقبض على الرئيس مرسي، وسجنه ثمَّ محاكمته، وبذلك أسدل الستار على فترة حكم، عمدت إلى مخالفة الدستور والقوانين النافذة، بجعل السلطة القضائية تابعة للسلطة التنفيذية، في حين أن شرعية واستقلالية القضاء تستمد من الدستور، وهذا درس ينبغي أن تتعلم منه الشرعية باليمن وسلطتها التنفيذية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى