كلام يهمك

> لدينا، في بلادنا، صنفان من المسؤولين: صنف يضيق بالصحافة، ولا يعترف بدورها لسانا للموطنين، تنقل شكاواهم وأوجاعهم، وتدعو إلى إصلاح الاعوجاج، كما تقدم الشكر لمن يستحقه تشجيعا له ونشرا للقدوة الحسنة، وهو في هذا منكر لأبسط قواعد الديمقراطية، وهو عادة يخشى المواجهة التي قد تفتح عليه أبواب جهنم؛ فيخفي رأسه في الرمل أملا أن تمر العاصفة دون خسائر. وأما الصنف الآخر، وهم القلة، فهؤلاء يبادرون بالاتصال لشرح ما قد يكون قد غمض، وتوضيح وجهة نظرهم التي قد تتفق مع رأي الصحفي أو تختلف، ولكنها في النهاية تثري الحوار الديمقراطي، الطريق الوحيد إلى عالم أفضل.

أليس من المزري في أيامنا هذه المزرية أن تكون هناك بقايا من "الدنياصورات" المنقرضة التي تقسم الدولة إلى حكومة وميليشيات أو أهالي "رعايا"، الحديث معهم مثل الماء يسري دائما في اتجاه واحد من العالي إلى الواطي.
وهناك مسؤولون لا داعي لذكر أسمائهم؛ لأن (ما خفي على أرض الواقع في بلادنا اليمن شمالا وجنوبا) هل هي حرب أهلية غير معلنة بين طوائف الشعب المختلفة مخالفة للنظام العام أو الخاص الذي يلتزمه الناس.

هناك أحياء عشوائية ذات حارات ضيقة، سمحت بها الحكومات المتعاقبة دون تخطيط عمراني أو مرافق أو خدمات، تعج بآلاف المواطنين، يتدفقون خارجها صباح كل يوم، والإحباط واليأس قد كسى وجوههم من ضيق الحياة ومشاكلها، كل منهم كائن حي مفخخ على وشك الانفجار، لا ينقصه إلاّ موقف بسيط يساعد على الاشتعال.

إن أي عجز أمني غير قادر على حماية وتأمين المنشآت إلاّ بحصار أحياء كاملة لأشهر بل لسنوات، دون أدنى اعتبار لساكنيها. أين حقوق الإنسان في بلادنا؟ وحق المواطنة وإشعار المواطن أولا بعد أن أهدرت الدولة أبسط حقوق مواطنيها داخل بلدهم؟ أي أمن هذا الذي لا يشعر معه المواطن بأنه آمن على أسرته وماله وممتلكاته؟ بعد أن عادت البلطجة إلى الظهور في شوارعنا، بكل بجاحة، السطو بالقوة، من أناس خارجين على القانون، على الأراضي في منطقة العريش، وهي مملوكة شرعيا لأشخاص، ولديهم وثائق بذلك. إن هذا التصرف الهمجي هو قوة البلطجة بذاتها، وهذا عيب في حق الدولة.

وانتشر المتسكعون والمتسولون في كل مكان، واقتصر الوجود الأمني على بعض الأشخاص، وبعضهم لهم الله، أي أمن هذا الذي يضع أمن الدولة أولا قبل أمن المواطن، ولا يدرك أن أمن الدولة لا يمكن أن يتحقق إلاّ إذا كان المواطن آمنا على حاله وماله وأسرته، وإن الأمن الحقيقي هو الأمن الاجتماعي، وليس الأمن البوليسي. إن شعار الشرطة في خدمة الشعب لا بد من تفعيله وتطبيقه عملا لا قولا، ولا آراكم شرا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى