​كلمات في رمضان.. التوابون

> إن التوبة تحتاج إلى إرادة قوية، خاصة بعد الاعتياد على فعل المعاصي والذنوب والمداومة عليها، وكذلك وسوسة الشيطان، فهو يُبعِد الإنسان عن التوبة؛ لأنها قد تتسبب له بفضيحة من رفقاء السوء، ولقد وضَّح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بقوله: "تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ عَرْضَ الحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ سَوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنْكَرَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ بيضاءُ، حتى يصِيرَ القلبُ أبيضَ مثلَ الصَّفا، لا تَضُرُّه فِتنةٌ ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ، والآخَرُ أسودَ مُربَدًّا كالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعروفًا، ولا يُنكِرُ مُنكَرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هَواه"، والإنسان في المعاصي على حالين، فإما أن يقبل هذه المعاصي إلى حين ائتلافها والاعتياد عليها، وفي كل مرة يفعل فيها المعصية تُنكَت في قلبه نكتة سوداء، وإما أن يُعرِض عنها ويرفضها، فيكون في قلبه نكتة بيضاء دلالة على رضا الله تعالى، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم القلب الذي يحرص على المعاصي بالكوب المنكوس الذي لا ينتفع من شيء، ولا فائدة منه. وتتحقق التوبة عند الاعتراف بالذنوب، وقد تكررت الألفاظ الدالة على الاعتراف بالذنوب في القرآن الكريم؛ فهو سببا للرحمة ولمغفرة المعاصي، والمُعترف عارف لزلّته، ونادمٌ عليها، ويطلب المغفرة والرحمة من الله تعالى؛ لعلمه يقينا أن القوة بيد الله تعالى، وأنَّه القادر على مغفرة الذنوب وقبول توبة عباده، يقول العز بن عبد السلام: "الاعتراف بالذنوب استكانة لعلام الغيوب، موجبة لعطفه ولطفه، بغفر الذنوب، وستر العيوب"، ومن أقوى وجوه الاعتراف والاعتذار: الإعراض عن الذنب والندم على فعله مع العزم على عدم العودة إليه.

 أثر المعاصي والذنوب على العبد في الدنيا والآخرة.
إن وقوع الإنسان في الذنوب أمر لا مفر منه، وهذه ليست مشكلة في حد ذاتها، إنما المشكلة والمصيبة هي الاستمرار في الخطأ والإصرار على المعاصي، قال الغزاليّ: "اعلم أنّ الصّغيرة تكبر بأسباب فيها الإصرار والمواظبة: وكذلك قيل: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار"، فكيف إذا كان الإصرار على الكبائر وعدم التوبة منها؟! وقد وعد الله المستغفرين التائبين بالمغفرة والثواب العظيم فقال: ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)) [آل عمران: 135-136]. وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لَهُم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى