قراءة في زيارة بن مبارك لروسيا وطموحات موسكو في اليمن

> "الأيام" أوام:

> يبدأ وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الاثنين القادم، زيارة رسمية إلى جمهورية روسيا الاتحادية تستمر ثلاثة أيام، فيما يبدو تعويلا يمنيا على موسكو للمساعدة في إحلال السلام باليمن، بحكم علاقاتها الجيدة مع كافة الأطراف المحلية والإقليمية، يقابل هذا التعويل رغبة روسية في العودة لليمن لإحياء حلم قديم.

وسيجري بن مبارك "خلال زيارته محادثات سياسية مع نظيره الروسي سيرجي لافروف لبحث التطورات في الملف اليمني بكافة جوانبه والدور الروسي الحيوي والهام للمساهمة في إحلال السلام في اليمن نظرا للعلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين الصديقين، التي تمتد لعقود من الزمن، والقائمة على احترام سيادة وأمن واستقرار ووحدة اليمن".

وحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) "سيتم خلال الزيارة التأكيد على مساعي الحكومة لتحقيق السلام، وإنهاء الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي كطريق أساسي لمعالجة الكارثة الإنسانية المتفاقمة الناتجة عن الانقلاب على السلطة الشرعية، وشرح رؤية الحكومة لتحقيق تطلعات الشعب اليمني نحو سلام عادل وشامل ودائم وفقا للمرجعيات الثلاث، كما سيتم التأكيد على ضرورة التنسيق والتشاور لتوحيد الجهود نحو تحقيق السلام وتفعيل علاقات التعاون الثنائية في مختلف المجالات".

تسوية شاملة
بدورها، قالت مارايا زخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، في تصريح صحفي الجمعة، إن "المحادثات ستركز على تسوية سلمية شاملة للأزمة العسكرية السياسية الحادة، التي بدأت في اليمن في عام 2015، وقبل كل شيء ضرورة إنهاء الأعمال العدائية وإطلاق حوار وطني واسع النطاق حول الحكومة السياسية المستقبلية في اليمن".

وأشارت إلى أنه "في ضوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي المعقد في اليمن، سيناقش الوزراء الإجراءات العملية التي يجب اتخاذها لمنع المزيد من التفاقم، وهي تشمل التزام الأطراف المتنازعة الصارم بالقانون الدولي الإنساني، ورفع جميع أنواع الحصار عن الأراضي اليمنية، وتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للمدنيين اليمنيين الذين يعانون من نقص في الغذاء والدواء، وغير ذلك من الأمور الحيوية الضرورية".

وأوضحت المسؤولة الروسية أنه "من المتوقع أن يؤكد الوزراء عزمهم المتبادل على استئناف العلاقات الروسية اليمنية الشاملة والمتعددة الجوانب بعد عودة الاستقرار، وإقامة هيئات السلطة في الجمهورية اليمنية. تم تعليق هذا التعاون في غالبية المجالات بسبب الأعمال العدائية المستمرة والانقسام الفعلي داخل البلاد".

علاقات متميزة ودوافع مختلفة
يقول الباحث في العلاقات الدولية، يوسف مرعي، في تعليقه على الزيارة، إن "روسيا باتت على ما يبدو أقرب القوى الدولية إلى لعب دور الوسيط في المشهد السياسي اليمني بين القوى السياسية اليمنية، ذلك لأنها تملك علاقات لا بأس بها مع اللاعبين الإقليميين في الملف اليمني، فهي تملك علاقة جيدة مع إيران، بإمكانها من خلال هذه العلاقة الضغط على إيران للتأثير على حركة الحوثي للذهاب إلى مسار سياسي، كما أنها تملك علاقة تعاون وشراكة في قطاعات اقتصادية كثيرة مع دول الخليج".

ولفت مرعي، الذي يحضّر الدكتوراه في العلاقات الدولية والسياسة العالمية بجامعة بطرسبورغ الحكومية الروسية، إلى "أن مفهوم السياسية الخارجية الروسية الموقع من الرئيس الروسي بوتين 2016 تحدث عن ضرورة تعزيز العلاقات والشراكة الاقتصادية مع دول الخليج العربي. ولروسيا رؤيتها الخاصة في الأمن الإقليمي في منطقة الخليج، وهو ما عبرت عنه في مبادرتها للأمن الجماعي في منطقة الخليج العربي".

وبناء على ذلك، فروسيا ترى - وفقا للباحث ذاته- "أن أي صراع في منطقة الشرق الأوسط، وفي منطقة الخليج العربي تحديدا، يؤثر بشكل مباشر على مصالحها، وعلى أمنها، وبالتالي فهي ترى أن أي مقاربة سياسية لحل سياسي في اليمن قد يمثل مدخلا مهما لاستتباب الأمن الإقليمي".

وقال: "لذلك تنشط روسيا دبلوماسيا في الآونة الأخيرة في كثير من ملفات المنطقة، ومنها الملف اليمني، كما أنها تطمح للعودة إلى اليمن من خلال توسيع علاقاتها مع العديد من اللاعبين المحليين في الشأن اليمني"، مشيرا إلى أن لروسيا علاقة تاريخية متميزة مع اليمن، وزيارة بن مبارك قد تأتي في سياق تعزيز هذه العلاقة وتطويرها والاستماع أيضا للمقاربة الروسية لحل المشكلة اليمنية لروسيا.

وأضاف أن أي دور لروسيا في استتباب الأمن في اليمن يحقق لها أكثر من هدف منها "دحض الرواية الغربية التي تقول إن روسيا تعمل على نشر الفوضى وزعزعة استقرار البلدان"، مؤكدا أن "أي مساهمة في إنهاء الصراع في اليمن انطلاقا من مرجعيات الحل السياسي السلمي في اليمن قد يكسب روسيا سمعة جيدة على المستوى الدولي. كما أن لها أحلامها في توسيع نفوذها البحري في المياه الدافئة والمضائق المائية".

تاريخ العلاقات بين البلدين
تعود العلاقات اليمنية الروسية إلى (1928) وترتكز العلاقات بين روسيا واليمن على معاهدتي الصداقة والتعاون مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (عام 1979) جنوبا؛ والجمهورية العربية اليمنية (عام 1984) شمالا.
ويأتي، على قائمة دوافع السياسة الروسية في اليمن، موقع اليمن الاستراتيجي على مضيق باب المندب مصدرا للرؤية الروسية بخصوص المنطقة، ويمكن الإشارة إلى مجموعة محددات تجعل من روسيا فاعلا متوقعا في اليمن خلال المرحلة القادمة، حسب دراسة أعدها مركز أبعاد للدراسات في شهر مارس الماضي.

ووفقا للمركز، فبالنسبة للمخاوف الجيوسياسية الروسية فإن اليمن عنصر لا غنى عنه في طموحات الكرملين المتنامية في جميع أنحاء منطقة الساحل، عبر البحر الأحمر. وعودتها إلى جزيرة سقطرى.

وعطفا على ذلك، توقع المركز سيناريوهات لهذا الدور أهمها: "استمرار روسيا في سياسة دعمها لخطط إيقاف الحرب في اليمن، مع ضمان دور مؤثر للشركاء الجدد الحوثيين في الشمال، والانتقالي في الجنوب، و"عائلة صالح"، مع استمرار اعترافها بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي -الحكومة المعترف بها دوليا- وإبقاء علاقات جيدة مع السعودية، ضمن سياسة توازن القوى التي تعتقد موسكو من خلالها أنها ستضمن وجود أقوى لها في اليمن قرب مضيق باب المندب لتسهيل عملياتها البحرية، وضمان أمن المنطقة وفق رؤيتها للأمن الجماعي في الخليج".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى