الحوثيون يقبلون بالحوار لتجنب الضغوط الدولية

> «الأيام» العرب:

>
  • التغير في الموقف الأميركي يدفع الحوثيين إلى مراجعة حساباتهم
وصفت مصادر سياسية يمنية مطلعة التصريحات التي أطلقها مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، بأنها محاولة للخروج من دائرة الضغوط الدولية المتزايدة على الحوثيين، في ظل التحول الذي شهده الخطاب السياسي لواشنطن، وتحميل الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية فشل جهود إحلال السلام في اليمن.

وفي كلمة له بمناسبة ذكرى إعلان الوحدة اليمنية، دعا المشاط "إلى العمل المشترك على وقف جميع الأعمال العدائية من كلِّ الأطراف، ومعالجة آثار وتداعيات الحرب، وصولا إلى استئناف العلاقات على قاعدة الإخاء الصادق وحُسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون المشترك وصون أمن وسيادة ومصالح البلدين والشعبين الشقيقين".
وجاءت تصريحات المشاط بعد ساعات من فرض واشنطن عقوبات على قياديَّين عسكريين حوثيين بارزَين يشاركان في الهجمات على محافظة مأرب، التي تضم الآلاف من النازحين اليمنيين، هما محمد عبدالكريم الغماري ويوسف المداني.

واعتبر مراقبون للشأن اليمني مطالبة رئيس المجلس السياسي للحوثيين قيادة التحالف ممثلة بالمملكة العربية السعودية برفع ما وصفه "الحصار عن الشعب اليمني والانخراط الجادّ في مباحثَات وقف الحرب العسكرية والاقتصادية وإنهاء الوجود العسكريّ في أراضي اليمن ومياهه"، محاولة لخداع المجتمع الدولي وإظهار الجماعة الحوثية كطرف مستعد للحوار، على قاعدة تنفيذ الاشتراطات الحوثية الجديدة باعتبارها استحقاقات إنسانية، ومن ذلك وقف إطلاق النار، وفتح مطار صنعاء، وميناء الحديدة، وهي الثلاث النقاط التي تضمنتها مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس (الإعلان المشترك) وقوبلت برفض الحوثيين.

وجدد المشاط، وفقا لما نقلته وسائل إعلام حوثية "التأكيد للأمم المتحدة وللجميع، الاستعداد التامّ للإسهام بفاعلية في تحقيق السلام مع التشديد على ضرورة الفصل بين الجانب الإنسانيّ والجوانب الأخرى"، مشيرا إلى أنّ “فتح المطارات والموانئ وإنهاء الحصار القائم استحقاق خالص للشعب اليمنيّ، ولا ينبغي تحويل مثل هذه المسائل إلى مادة للمقايضة أو سلاح من أسلحة الحرب لانتزاع مكاسب تفاوضية في الجانبين السياسي والعسكري".

ويسعى الحوثيون لاتباع تكتيك سياسي قائم على تصفير نتائج المباحثات غير المباشرة، التي رعتها الأمم المتحدة طوال العامين الماضيين، والتي تكللت بموافقة الحكومتين اليمنية والسعودية على الصيغة النهائية للمبادرة الأممية الخاصة بوقف إطلاق النار، والمضي في مسارات متباينة في الجانبين العسكري والسياسي، من خلال تصدير مواقف متباينة، بالتوازي مع استمرار التصعيد العسكري المتمثل في تكثيف الهجوم على مأرب ومواصلة العمليات التي تستهدف الأراضي السعودية باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

وفي تصريح لـ"العرب" قلل الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر من قيمة التصريحات الحوثية الأخيرة حول السلام، التي أطلقها رئيس المجلس السياسي الحوثي مهدي المشاط، معتبرا أن تلك "التصريحات تكرار لأسطوانة دأب الحوثيون على ترديدها في الخطابات الرسمية وعند المنعطفات الحادة التي يمر بها الملف اليمني".
وقال الطاهر إن "الهدف من وراء هذه التصريحات إرسال رسائل للداخل والخارج للتأكيد على مظلومية الحوثيين المزعومة ونزوعهم نحو السلام، وأن المشكلة تكمن في موقف الحكومة اليمنية والتحالف العربي".

ولفت الطاهر إلى أن "حديث المشاط الأخير تزامن مع تراجع مع ما يبدو أنه مراجعة للسياسة الخارجية الأميركية إزاء اليمن وتقييم تجربتها خلال الستة أشهر الماضية مع الميليشيا الحوثية، وعن تأثير العقوبات الأميركية على قيادة الجماعة الحوثية".

وأضاف: "في نظري، الحوثيون لا تهمهم العقوبات الأميركية على أفراد وكيانات مرتبطة بهم، بقدر ما يقلقهم أن يتطور ذلك، وتعيد واشنطن الحوثيين إلى لائحة المنظمات الإرهابية، ويخسرون الكثير مما كسبوه منذ دخول بايدن البيت الأبيض، ولذلك كانت المراوغة واضحة في خطاب مهدي المشاط، الذي لا يخلو من المغالطة المعهودة من قبل الجماعة، التي تتحدث عن استعدادها لإحلال السلام بشرط فصل الجانب الإنساني عن السياسي، وعزمها عودة العلاقات مع السعودية، كتكرار للتصريحات العاطفية بهدف تحقيق بعض من مكاسبها السياسية والعسكرية على حساب اليمنيين ومختلف مكوناتهم السياسية".

وشهد موقف واشنطن، منذ فشل جهود مبعوثها إلى اليمن تيم ليندركينغ في إقناع الحوثيين بالموافقة على خطة وقف إطلاق النار، التي أعدها المبعوث الأممي مارتن جريفيثس، الذي رفض وفد المفاوضات الحوثي في مسقط لقاءه خلال زيارته الأخيرة لسلطنة عمان برفقة المبعوث الأميركي.

وكشف بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية الخميس عن فرض واشنطن عقوبات ضد اثنين من كبار قادة الحوثيين "لتورطهما في هجمات عسكرية تفاقم الأزمة الإنسانية، وتشكل تهديدا خطيرا للمدنيين، وتزعزع استقرار اليمن"، بحسب ما جاء في البيان الذي تضمن الإشارة إلى "المساءلة عن أعمال الحوثيين التي تديم الصراع في اليمن، وتقوض جهود السلام، بما في ذلك الهجوم الوحشي المكلف الذي يستهدف مأرب".

وتابع البيان: "إن إعادة تموضع الحوثيين المستمرة، وغيرها من انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، تهدد الاستقرار في مدينة تعد طريقا حاسما للسلع الإنسانية والتجارية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، ترد تقارير منتظمة عن هجمات الحوثيين على المدنيين والبنية التحتية المدنية في الحديدة وحولها، مما يفاقم وضع اليمنيين الذين يواجهون بعضا من أعلى مستويات الحاجات الإنسانية في البلاد".

ودعت الخارجية الأميركية الحوثيين إلى "الوقف الفوري لكافة الهجمات العسكرية، وبخاصة هجومهم على مأرب"، كما حثتهم على "الامتناع عن الأعمال المزعزعة للاستقرار والمشاركة في جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتحقيق السلام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى