سكوب.. العودة المستحيلة

> محمد العولقي

>
محمد العولقي
محمد العولقي
تتحمس الجماهير اليمنية لعودة المدرب التشيكي (ميروسلاف سكوب) لتدريب المنتخب في المرحلة القادمة التي تحتاج إلى مدرب صارم وذكي ومرن يفهم طبيعة وظروف اللاعب اليمني.

يبدو (سكوب) من كافة النواحي المدرب المناسب لهذه المرحلة المعقدة إدارياً، (سكوب) نفسه أبدى مرونة في مناقشة مسألة عودته مجدداً لتدريب منتخب كان في السابق يلعب باللون الخارجي للبطيخ، ثم صار بقدرة قادر يلعب باللون الداخلي للبطيخ نفسه، يعني أصبح المنتخب في عهد اتحاد النطيحة والمتردية حبحباً على السكين.

مسألة عودة (سكوب) مرحب بها دائماً من مختلف شرائح المجتمع اليمني، إلا اتحاد الكرة الذي (شيطنه) وتعامل معه على أنه (شمشون) الرهيب الذي هدم المعبد على رأس اتحاد (جدة عمية سرجي).
مؤخراً زادت حركة بعض المتحمسين لعودة (سكوب)، حركة ليس فيها بركة لأنها اتخذت مساراً شعبياً لا يؤيده الاتحاد، ولا يقبله سماسرة الرزق يحب الخفية، بعضهم تواصل مع سكوب (صوت وصورة)، فأبدى الرجل موافقته براتب يتوافق مع وضع ميزانية الاتحاد.

حسب علمي أن (حميد شيباني) يعارض عودته (والدليل قالوا له)، ويتعامل مع مثل هذا الطرح بتصلب يكشف حقيقة أن الأمين العام يناصب سكوب العداء، وللرجل أسبابه التي طرحها سابقاً ولم أقتنع بها لاحقاً.
عبر مصادر خاصة علمت أن (سكوب) مقتنع بتقنين راتبه بحيث لا يتجاوز 12 ألف دولار، وبحسبة اقتصادية لا تحتاج إلى تدخل من (آدم سميث) صاحب كتاب (ثروة الأمم)، فإن المبلغ زهيد في بورصة المدربين ويتماشى مع ظروف البلد، ولي هنا وقفة مع شماعة ظروف البلد.

وزارة الشباب والرياضة بعدن تصرف على معسكرات المنتخب داخلياً وخارجياً تقريباً، ولا يدفع اتحاد الكرة من جيبه ريالاً واحداً، هذا ليس كلامي لكنه كلام قيادي في الوزارة إن أراد البوح بالأرقام والتحويلات، فأهلا وسهلا وعلى الرحب والسعة.

قد يقول أحدكم: تمويل راتب شهري بالدولار عبر صندوق يستقطب الفتات في زمن الشتات كارثة اقتصادية الأولى بها لاعبو المنتخب، هذا صحيح لو أن الاتحاد (طفران) و (محيرف)، لكن (الفيفا) يدفع للاتحاد بانتظام كل عام مقابل الاستمتاع بمسرحية التمثيل بالوطن، فأين تذهب الدولارات؟ ولماذا لا تسخر في خدمة المنتخب؟ وكيف تختفي فجأة وكأن لها علاقة بخفة جن سليمان؟

أعرف أنكم بدأتم تملون كتاباتي عن (حميد)، لكن من منكم يقنع (حميدا) أن يبطل (زنقلة) وينحي حساباته الشخصية جانباً عند الحديث عن سمعة وطن يمثل البلاد وكل العباد؟
ومن منكم يقنعني أن الاتحاد يخطط ويفكر بوعي احترافي، فيما الأعضاء مثل منشار (طالع واكل نازل واكل)؟ من منكم يقنعني أن الاتحاد لا يتعامل مع المنتخب في مزاد (المرمطة) على أنه لعبة يتقاذفها كل من هب ودب، دون الوضع في الاعتبار معنويات الجمهور اليمني التي هي أصلاً في الحضيض؟

لست هنا في وارد الانشغال بأمانة (حميد) على حساب الفكرة نفسها، لكن المغطى الذي بات مكشوفاً للملأ أن (سكوب) في ولايته الأولى الناجحة تمت مكافأته بسيناريو جهنمي طبخ في الدوحة وتجاوزت رائحته حدود الإمارات، ربما ظهر (حميد) في الصورة على أنه بطل فيلم الاستغناء عن (سكوب) مصحوباً بفاصل من (التناحة)، حماية لآخرين تسبب (سكوب) في قطع أرزاقهم، وطالما و (حميد) يقوم بدور حمال الأسية برضاه ويداري أخطاء غيره ويتحمل تبعات نرجسيتهم، فعليه أن يتحمل لسعات النحل ولدغات الأفاعي، والنار يا (حميد) ما تحرق إلا رجل واطيها.

الحديث عن (سكوب) يجرني غصباً عني إلى حوار دار بيني وبينه عندما أطلعته على برنامجي الفني بعد أن أخبرني رئيس الاتحاد في مؤتمر صحفي ساخن أن اللجنة الفنية ستكون من نصيبي لثقته في أفكاري وفي رؤاي، وقد رحبت بذلك بعد إلحاح مورس علي من قبل لفيف من الزملاء ومن بعض المنافقين في اتحاد الكرة، وافقت حتى لا يقال إن العبد لله بائع كلام ومحترف تنظير.

لكن بعد شهر تقريباً، و بينما كنت قد أعددت قائمة بأعضاء اللجنة الفنية شملت الأحمدي وعبدالله باعامر وإبراهيم الصباحي وهاني عبدالرحمن وعصام دريبان وجميل سيف وزيد النهاري، فوجئت بتشكيل لجنة فنية يقودها صديقي الكابتن عبدالله فضيل من دون التواصل معي، أو حتى إشعاري بعضويتي في اللجنة من عدمها.

وقتها تبرمت من هذه (الزحلقة) رغم معرفتي المسبقة بمقالب هذا الاتحاد، تفاجأت لأن أحدهم لم يستشرني أو يطرح الأمر علي وجهاً لوجه لتحديد موقفي بالقبول أو الرفض، تمت الطبخة لأمر دبر بليل وقد كنت وقتها أدري أن بيني وبين هذا الاتحاد فوق ما تصور الحداد، ثم أبلغني الرجل (الألعوبان) أن هذه اللجنة اختارها الأخ (حسن باشنفر)، وأنه استخدم نفوذه لإقصائي من الواجهة لحسابات أترفع عن الخوض في دهاليزها، قلت له ساخراً: هو ذا اللعب ولا بلاش، طويت صفحة اللجنة قبل أن يجف حبرها وقلت لنفسي: العمل مع اتحاد في النهار جمهوري وفي الليل ملكي وجع قلب ومفسدة كبرى، وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وقتها كتبت في صحيفة "الأيام" مقالة (زهايمر) هجوت فيها نفسي تماماً كما فعل (الحطيئة).

ما علينا.. المهم أن (سكوب) بعد أن ناقش معي رؤيتي الفنية للمرحلة التي تلت خليجي 22 بالرياض أصابته دهشة واضحة، فهو لم يصدق أو يتصور أن لدينا عقولا فنية بهذا المنطق، وتأسفت لأن الاتحاد دائماً يقدم للمدربين الأجانب أسوأ الفنيين الذين لا يفرقون بين الكوع البوع، وحكايتي مع (سكوب) طويلة قد أضطر للكشف عنها في الوقت المناسب متى ما طلب مني الجمهور اليمني ذلك.

عودة (سكوب) تبدو من الناحية العملية مستحيلة، حتى لو أخذت مسألة عودته طابعاً شعبياً وجماهيرياً، وعندما يضع (حميد) مصلحته أولا وتطلعاته الخاصة فوق مصلحة 30 مليون يمني، فلا سبيل لإيقاف أسطوانة التمثيل والتنكيل بوطن يظنه بعض المعتوهين ملكية أو اقطاعية في جيوبهم وحدهم.

قد يقول أحدكم: أين رئيس الاتحاد من هذه الألعاب الدراكولية التي يتألق فيها (حميد) ومن يصفقون لشيطنته حتى مطلع الفجر؟، أجيب بلا تحفظ: لم يعد أمر إدارة اتحاد الكرة من أولويات الشيخ (أحمد العيسي)، فالرجل يعيش في متاهة سياسية الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، أحلامه صارت أكبر من إحكام قبضته على الجلد المنفوخ، ولم يعد يعرف من باطن الكرة اليمنية سوى القشور، بدليل أن (حميدا) يتنمر في الدوحة، ولا يجد من يوقفه أو ينهره ويرشده إلى جادة الصواب، وهو أمر دفعني قبل فترة لتقديم نصيحة أخوية لرئيس الاتحاد أظن أنها لا تزال ترن في رأسه: ليس هناك أحسن من الوضوح والتخصص إما الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، إما الكرة أو السياسة، لأن المزاوجة بينهما بدعة وضلالة واستنزاف للصحة، لكن لا يبدو في هذا الزمن (المكور) أن هناك من يصغي لأهل اليمن الأرق أفئدة والألين قلوباً، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى