​دعونا نكتب عن الفساد

> هل يمكن ضرب الفساد الذي استشرى في كل مكان؟ أم أن الفساد أصبح أقوى من مقاومته؟ وإذا كان المواطن قد ظل أكثر من مرة يحث الجهات المعنية في البلاد ألا تتستر على الفساد، فلماذا لا تتحرك الأجهزة لكشف الفساد والمفسدين؟ هل لأن بعض هذه الأجهزة تضم زبانية الفساد في البلاد؟.
متى نسمع أن الدولة في بلادنا قدمت أحد المسئولين من العيار الثقيل للمحاكمة؟ حتى نطمئن من أن الدولة قد شرعت في مكافحة الفساد، وهذه بمثابة خطوة جادة ومهمة لانطلاق الحرب على الفساد في البلاد، وقيامها بوضع أسس محاربته في الجهاز الإداري للدولة، بنشر الوعي لمكافحته، بالتنسيق بين الجهات المختلفة، والعمل على استعادة ثقافة العدل والنزاهة والولاء، وتفعيل ثقافة مجتمعية رافضة للفساد.

هذا الفساد الذي أثر سلبًا على النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة، بعد أن استشرى في مفاصلها خلال السنوات السبع الأخيرة، الأمر الذي جعل البلاد تحتل مركزًا متدنيًا ومخزيًا في مكافحة الفساد بين دول العالم.
لست أدري حتى الآن من أين تستمد مراكز قوى الفساد ببجاحتها وسفالتها هذه؟ هل لأن الفساد أنتشر وساد وسرى في المجتمع كما تسري الخلايا السرطانية في الجسد السليم؟ أم لأن أصحاب الذمم الخربة، والأقلام المأجورة المحسوبة على صاحبة الجلالة (الصحافة) في غفلة من الزمن أصبحوا أكثر من شرفاء المهنة؟ أم لأن
المسؤولين الكبار على رأس الوزارات في الدولة، أم لأن نماذجًا محترمة لا يفهمون أو يدركون الألاعيب القذرة لأصحاب مراكز الفساد هذه؟ أم لأنهم مشغولون بهموم الوطن والمواطن المغلوب على أمره؟
من أعجب العجاب أننا نتحدث كثيرًا عن الفساد المستشري، وبأنه لا توجد محاسبة. قد يكون حديث الناس هذا صحيحًا؛ لكنه حديث غير موثوق، ولا يستند إلى أي وقائع؛ لأن الذي يريد أن يمارس الفساد يجد طرقًا عديدة لهذه الممارسة، ولا يمارسه أمام الناس، فالذي يقبض رشوات مالية كبيرة من بعض أصحاب المصالح، لا يقبضها في الشارع، والذي يقبض عمولات على شراء أشياء معينة لا يقبضها أمام الناس، والعطاء الذي يحال على شخص ما يجال بالطرق القانونية وبالأسعار التي تتفق عليها اللجنة (إن وجدت)، أما ماذا يحدث في الخفاء، فلا أحد يعرف عنه شيئًا، مجرد هات (أدفع وأجزع)، الشيء الذي يعجبك في هذه البلاد، أننا ندعو لمحاربة الفساد ونمارسه، نأخذ قرارات صارمة لملاحقة الفساد ولا نطبقها، آفة الفساد طالت غالبية جوانب حياتنا، ونحن هنا لا نتحدث عن الشأن العام وحده، بعد أن تسللت ممارسات الفساد والإفساد إلى بيوتنا، وعشعشت في حوارينا ومقايلنا وشوارعنا، فقد بات الفساد – للأسف – ركنا من حياتنا اليومية، ولمن يهمه الأمر لا تقتصر الرشوة على المسؤولين فحسب، وإنما هناك مظاهر متعددة لها في شتى المجالات، مما يتسبب في تعطيل مصالح الناس، ويضطر الكثير الذين يريدون إنجاز مصالحهم لقبول مبدأ الرشوة، والتي تتفاوت من مصلحة إلى أخرى، وبدرجة الإنجاز المطلوب تنفيذه.
وانتشار ظاهرة الرشوة داخل المجتمع لا تعطل فقط مصالح المواطنين، وإنما تصيب المجتمع بالعيب، واللوم والخزي والكوارث، وتسبب أزمات لا حصر لها، أبرزها أنتشار أمراض اجتماعية تعرقل أي تنمية داخل المجتمع، وللحديث بقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى