تذْكُر أيام زمان؟

> الناس في الزمن الحاضر صاروا يجتّرون ذكرى زمان، ويتخذون منها سلوى لزمانهم العاثر هذا.
كل الناس في القرية والمدينة والريف والحَضَر لسان حالهم اليوم في الحديث والمنادمة "تذكُر أيام زمان؟".

هم يرون أن قلوب أهل زمان كانت صافية وزاكية، فكان الله يسهّل لهم الأمور ويسوق لهم الأرزاق بحسب نياتهم، كانت تجارتهم الزراعة والماشية والحِرَف البسيطة من النجارة والحدادة، ثم الدُّكان المتواضع الذي يلقى فيه المواطن بُغيته من السلع الضرورية بأسعار مناسبة.
كانت الوظيفة عزيزة والراتب قليل، لكن السعادة تغمر الناس، وكانت عيشتهم هنيئة.

اليوم الناس في الشمال والجنوب لا تُلقي لهم أسواق التجارة المنتشرة في كل مكان بالاً. ترى المخازن والمستودعات تزدحم بصنوف البضاعة. البقّالات والسوبرات والمولات فيها من السلع والمواد والأشياء أشكال وألوان وأجناس وأذواق، لكن بينها وبين قدرة المواطن على الشراء بُعد المشرق والمغرب، بينما كان الدُّكان في الزمن الماضي يقدم للمواطن كل ما يحتاجه، ويبيع له بالشلنات في الجنوب، وبالريالات في الشمال.

أما في الجنوب وما أدراكم ما الجنوب فما زال الناس يتذكرون الدكاكين التي كانوا يرتادونها في الحارات ويبتاعون منها أشياءهم بالرطل والأوقية، وقصة الميزان الذي كان يعدل، وورق اللفافة، وقراطيس الكاكي التي فيها ثُمن دقيق ونصف رطل سكر وأوقية شاي، وكل يوم والرزق موفور والحال مستور والخاطر مجبور. لله الحمد.
كانت البيوت لا تكتنز بضاعة شهر كما يفعل الناس في هذا الزمن. شعار الواحد منهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمناً في سربه معافىً في جسده عنده قوت يومه كأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".

فسيقت لهم الأرزاق ونزلت على قلوبهم السكينة ورضوا بالقسمة وحازوا على القناعة، وشاع في أوساطهم خُلُق الرحمة والحُب والتعاون، وشَغلوا أوقاتهم بالنافع والمفيد وتربية الأولاد وحثّهم على طلب العلم في المدرسة ومواصلة الدراسة في الجامعة، فوجدت البركة والخير وسعة القلوب.
ونسمع في الحديث عن ذكرى زمان من يقول: تَذكُر أيام زمان لمّا كان البيت الواحد يسع الأُسرة والأُسرتين والثلاث؟. يأكلون من صحنٍ واحد ويقتاتون من جفنة واحدة والبركة تتنزّل والخير وافر والأمان يعُم الديار. لا سارق ولا نهّاب ولا مُختلس ولا مرتشٍ ولا مُحتال ولا مرتكب جريمة ولا نصّاب.

تَذْكُر أيام زمان بعد العصر في حوافي عدن لمّا كانت تخرج دسوت البطاط مع الحُمَر والبطاطس المقلية وأكياس اللانجوس الصغيرة، وبيدان بيدان حالي السويدان ولُعبة الغُميضان؟
تذكروا مقر وزارة العدل في اليمن الديمقراطية عندما كان الميزان يبتسم في وجوه الناس ويبتسمون له، وقد نُصِب لإحقاق الحق والحفاظ على الشرف والكرامة وتحقيق العدل بين الناس؟
وأخيراً تذكروا كيف كانت صورة عدن العاصمة السعيدة؟، وكيف صار اليوم وجه الحبيبة المُعذّبة؟ وازماناه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى