لتنتصر.. اعرف عدوك

> يقول العالم العظيم البرت إينشتاين: إن لم تستطع أن تشرح أعقد القضايا بطريقة تستطيع من خلالها جدتك استيعابها، فهذا مؤشر يبين أن لديك قصوراً في فهم القضية التي تشرحها. كلام الرجل هنا واضح، فهو يقصد مثلما قصد كثير من العظماء في مقولات لهم، أن الحقيقة في أي شيء تكون في منتهى البساطة، وشرح أو إيضاح الحقيقة للغير لا يحتاج لكثير من الحذلقة واستخدام المصطلحات والتعابير المعقدة التي لا يجيد فهمها إلا القلة، وربما أن هذه القلة هي من أدعياء الفهم والمعرفة. والأمر ينطبق على كل مجالات المعرفة بما فيها علم السياسة. واليوم بعد أن اتضح للأغلبية، إن لم يكن لكل البشرية، أن لا أحد منا، أياً كان موقعة في الحياة وأياً كان مستواه المعيشي أو العلمي أو العملي، بمنأى عن السياسة وما تحدثه وما يحدث فيها لسبب بسيط جداً، يمكن التعبير عنه بأن مادة ومجال الفعل السياسي هم البشر، وحياتهم وتطلعاتهم، وأحلامهم وآمالهم، وآلامهم ما هي إلا نتائج مباشرة أو غير مباشرة لجملة من السياسات المختلفة التي يمارسها السياسيون في مجتمعاتهم المحلية أو على المستوى العالمي الذي بفعل التقدم العلمي والتقني أضحى قرية كبيرة مترابطة يؤثر بعضها في البعض الآخر.

نحن في هذه البلاد جزء من العالم الكبير والصغير في نفس الوقت، ولدينا من التحديات الكثير، منها الداخلي ومنها الخارجي، تمارس السياسات المختلفة علينا ونمارس السياسة بطرق مختلفة، لكننا نرتكب خطأ بل أخطاء جسيمة في حق أنفسنا، ولعل أكبر خطأ جسيم نرتكبه، هو ممارسة السياسة فيما بيننا، بمعزل عن المهددات الموجهة ضدنا من أعدائنا، وعلى من يقودون أمور الناس السياسية بموجب (تفويض) شعبي، بهدف استعادة الدولة أن يرتقوا إلى مستوى الهدف الوطني ومستوى التحديات الكثيرة والكبيرة التي ينبغي أمامها أن تصطف الصفوف للدفاع عن المصالح الجمعية، كما على تلك القيادة أن تقوي وتنظم الكتل المجتمعية استعداداً لمعركة فاصلة وحاسمة بين هذا الوطن وجميع أبنائه، ضد كل القوى المناهضة للأهداف الوطنية للجنوب. كما علينا أن لا نفقد البصيرة وأن نحدد ألوان أعداء قضيتنا بدقة دون مماهاة أو تردد أو تروّي في تسمية الأعداء على حساب قضية الوطن.

إن استمرار الديماجوجية السياسية من قبل قيادتنا السياسية -كما هو في السنتين الأخريين- أمر لا يمكن قبوله. كما على القيادة السياسية أن تدرك أن التفويض الشعبي لها (على علاته) كان في لحظة تاريخية معينة أمر واجب الحدوث، وأن منذ ذلك الوقت حتى اليوم كان يجب عليها وعلينا أن نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً في تركيب مؤسساتنا السياسية والعسكرية والاقتصادية والخدمية وتجهيزها تنظيمياً ومعرفياً وعلمياً، ولو كنا كذلك لما وجدنا اليوم من يتهمنا بأن قضيتنا خدمية الجوهر.

علينا في هذه اللحظة التاريخية أن نرفع الصوت بأن لا يعلو صوت على صوت قضيتنا الجنوبية العادلة، وأن الموقف من قضيتنا من قبل أي طرف أو جهة، هو من يحدد صداقتنا منه أو عداوتنا له. على سياسيينا أن لا يلتقطوا عدوى معاداة الشعوب من غيرهم. وعليهم أيضاً أن يفصحوا ويوضحوا للشعب ما هو غير واضح من ألاعيب سياسية قذرة وخسيسة. إن الناس قد ضحوا بمئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمغيبين، ومعركتنا القادمة حتماً سيكون الشعب هو طرفها ومن حقه على السياسيين أن يبينوا له ماهية الأرضية التي ستجري فيها المعركة ونؤكد المعركة، لأن ما دونها صراحة هو الدجل والتدليس، كما على الشعب وقبله القيادة أن يميزوا أعداءهم دون مواربة. هذا إن كان هدفنا النصر، ونحن لا نطلب أكثر من الحق، والحق منتصر على ما دونه من الباطل الذي امتلأت به حياتنا، وما ذلك على الله بعزيز.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى