الحرب وملفاتها المشبوهة والقذرة

> مجريات هذه الحرب مُحيّرة، فلم أرَ في حياتي طرفًا يقاتل آخر، وفي الوقت عينه يمدهُ بأسباب الثّبات ومواصلة القتال؛ لأنّ المُفترض في الحروب تضييق الخناق على الخصم وجغرافيته، وتجفيف مصادر تمويله، حتى يستسلم وينهار.
اليوم نخوضُ في العام السّابع للحرب، وهذا خُرافي، لكنّ من أسباب ديمومتها هي السلطة الشّرعية ذاتها، وأيضًا حُلفائها، إذ مَن يُصدّق أنّ الشّركة النفطية كنديان نيكسون، وهي من كبار الشّركات النّفطية في البلاد، وهي تستخرج النّفط من جنوبنا المُحرّر، لكنّ مكتبها الرّئيس وكل إيراداتها تُورّدُ إلى الحوثي في صنعاء.

نفس الحال لِشركة طيران اليمنية، وهذه مكتبها الرّئيس، وقرارها وكل إيراداتها توردُ إلى صنعاء، ولاحظوا أنّ أسطول طياراتها لا تهبط في صنعاء مطلقًا، لكنّ الأغرب أنّ عائدات أرباحها مُحاصصة مع المملكة السعودية، التي حصتها 49 % من الأرباح، فهل هناك عجبًا وغرابة كهذا؟

أمّا الدّاهية أنّ شركات اتصالات الجوال مقرّاتها الرئيسة في صنعاء، وإيراداتها تذهب إليها، وتقريبًا سبأ فون نقلت مؤخرًا، ويبدو أنها متعثّرة حتى الآن، لكنّ الأغرب هو كيف تضع اتصالاتك وأسرارك وكل تحركاتك و ... و ... رهن إشارة وتحت سمع وبصر الخصم؟ واللافت للنظر أنّ الأسهم المشاركة في رأسمال هذه الشركات هي لنافذين وأثرياء لدى الحوثي والشّرعية أيضًا، وكل هذه ملفات مشبوهة، وما خفي كان أعظم ولاشك، لكن قولوا لي هنا: كيف تُديرُ شرعية الإفك هذه الحرب؟ ومَن يتَساهل بهذه الملفات المفصلية المشبوهة؟ ثمّ ما هو دور التّحالف بهذا الصّدد؟ أو أنّ وراء الأكمّة ما وراها؟

لكن ما لا يستوعبه عقل، هو توجيه سهام الحرب وكل أدوات الحصار صوب جنوبنا المُحرّر، بل في كل مجالات الخدمات الحيوية والمرتّبات والغلاء وخلافه، وتصوّروا أنّهم - الشرعية - عبثوا وأوقفوا ملف إعادة إعمار ما دمّرته الحرب في جنوبنا، وهو ملف سيستفيدُ منه بسطاء منكوبين مُشرّدين تدمّرت بيوتهم في الحرب، لكن لم يرحموهم، وهذا الملف قد جَهّزه وأكمل بياناته وكُلفتهُ الوزير الجنوبي المهندس رعد أمان، وكان التّحالف جاهزًا لتغطية كُلفة التّنفيذ ومُتابعته، لكنّ هذا لم يعجب أفّاكي الشّرعية، وتَخلّصوا من الوزير الكفؤ والإنساني بالإقالة، والتّحالف صَمت وغضّ الطرف بكل أسف، ولازال المنكوبين مشرّدين، وهذا من أقذر ملفّات الشّرعية في الحرب، بل من أكثرها انحطاطًا ولا إنسانيّة.

الحربُ هنا فَريّة ولعبة وحسب، وهي الإيهام بتنفيذ مُهمات يُفترض أنّها قتالية بحسب إملاءات اللاعبين الكبار، وتَتجسّدُ في الحشدِ والتّمترس والمناورة على مربّعات الرقعة وميدانها، وإذا تَمحّصنا فيها فهي تُحاكي رقصة بَرَع الشمال، حيث أن الراقصين يُلوحون بجنابيهم المُشهرة، ويتمايلون بأجسادهم وعيونهم تتبادل نظراتٍ توحي بالغضب، وكأنّ الغاية هي اقتناص الآخر وجندلته بطعنةٍ غادرةٍ، لكن تستمر الإيقاعات الصّاخبة، وتستمر معها نفس الدّورة والمشهد الهزلي، ولذلك نخوضُ في العام السابع للحرب بدون نتيجة تُذكر! نعم لا شيء سوى الطّحن في جنوبنا، وإنهاكه وإفقاره وتدميره.

الشيء الذي لم يعد مشبوهًا ولا يقبل الشكوك، هو أنّ المُتضرر الوحيد من هذه الحرب هو جنوبنا، ومع أنه تحرّر مبكرًا، لكنّ كل سهام الحرب الحقيقية تُوجّهُ نحو جغرافيته، كما يظهر لكل حصيفٍ، فلماذا الصّمت على كل هذه الكوارث المُرتَكبة بحق جنوبنا؟ لذلك علينا كجنوبيين أن نُحدّد السبل الكفيلة بقطع دابر كل هذه المهازل الدّنيئة والخبيثة بقرارٍ صارم وحازم أيضًا، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى