أبين.. لم تتعافَ بعد من الحرب لتأكل الأمراض ما بقي منها

> تقرير/سالم حيدرة صالح:

>
  • 400 حالة سرطان 25 منها أطفال..
طالما كانت ولا زالت الحروب هي المعضلة أمام تنمية المجتمع في بلادنا، وسبب قصور وانعدام الخدمات، فضلًا عن كونها السبب الرئيس في فقدان سمة الأمن وارتفاع أعداد الوفيات.
وللحرب آثار عدة يمكن قياسها على المدى القريب والبعيد، منها الاقتصادية والنفسية، وكذا الصحية، إذ إن انتشار الجثث، واستخدام الأسلحة، وزرع الألغام يؤثر بطريقة أو بأخرى على صحة البيئة، وسلامة المواطنين.

ولفئة النازحين إسهام عظيم في تفشي الأمراض الوبائية، ذلك بأن المخيمات غالبًا ما تكون مكتظة، وفي بلادنا خالية من المرافق الصحية ودورات المياه، ما يجعل الأمر أكثر سوءً من غيره في بقية المخيمات حول العالم.

محافظة أبين شهدت الحرب الأطول عمرًا، فإذا ما كان الحديث عن الحرب التي تعيشها البلاد منذ العام 2015م، فإن أبين تعيش حالة من اللا استقرار أبعد قليلًا من ذلك العام تحديد منذ 2011م، الذي شهدت حربًا ضروسًا ضد التنظيمات الإرهابية التي سيطرت على المدينة. وعلى الرغم من أن الحرب لم تنته بعد، إلا أن آثارها السلبية بدأت بالظهور حقًا منذ وقت مبكر، ما ينذر بتبعات كارثية بعد فترة من الزمن.

وتعاني البنية التحتية لقطاع الصحة في المحافظة المنكوبة من نقص حاد في المستلزمات الطبية والمعدات وحتى الكوادر، ما صعب من مهمة مواجهة الأمراض، خاصة الوبائية، حتى تلك الموسمية أضعف الإمكانيات، وتوافر بؤر انتشار خصبة تتمثل بمخيمات النازحين هناك.
منسق مشروع مكافحة الجذام والأمراض الجلدية في مكتب الصحة أبين د.علي الكوماني، أفاد بأن إصابات الجذام مرتفعة بشكل ملحوظ مؤخرًا، متحفظًا عن ذكر الأرقام، أو أماكن تواجد الحالات، معللًا ذلك بمراعاة الحالة النفسية للمرضى.

وقال بأن المشروع يهدف إلى توعية المجتمع حول المرض، ودعوتهم لإجراء الفحص الكاشف، كون العلاج متوافرًا في كافة عيادات الجلد، داعيًا إلى تنفيذ حملة وطنية لمحاربة الوصمة الاجتماعية، ونبذ المصابين، وإيضاح أن الجذام مثله مثل أي مرض آخر، علاجه متوافر وقابل للشفاء بإذن الله.

وأكد الكوماني في حديثه لـ"الأيام" أن انتشار مرض الجذام والأمراض الجلدية يأتي نتيجة للحروب التي دارت رحاها في أبين، والتي أثرت بشكل كبير على مستوى الصحة، وإصابة أشخاص من المجتمع بهذا المرض يتطلب الوقوف معهم، والانتصار لقضيتهم من خلال تقبلهم داخل المجتمع، ومحاربة الوصمة المجتمعية، وعدم عزلهم، إذ إن المصاب يصبح بعد أسبوعين من أخذ الجرعة العلاجية غير معدٍ لمن حوله.

وأشار إلى المرض: بأنه مرض بكتيري يصيب الجلد والأعصاب الطرفية، والغشاء المخاطي المبطن للأنف والبلعوم، وأعراضه تتمثل ببقعة جلدية فاقدة الإحساس، عديمة التعرف، مزمنة لا تتأثر بأي نوع من أنواع المراهم أو الكريمات، باستثناء العلاج متعدد العقاقير والمتوفر في كافة عيادات الجلد في عموم مستشفيات الجمهورية.

وأضاف الكوماني قائلًا :"نحن جزء لا يتجزأ من مشروع مكافحة الجذام، وعلى مدى أكثر من ثلاثين عامًا مضت، قطعنا شوطًا كبيرًا في معالجة عدد كبير من الحالات، ونفتخر بأننا حافظنا على الصدارة في المحافظة، من خلال الاكتشاف المبكر لأكثر الحالات، ولازلنا نكتشف الحالات حتى هذه اللحظة، وندعو وسائل الإعلام ومحبي الخير لأبين وأهلها بأن يشاركونا في نشر الوعي عن هذا المرض".

من جهة أخرى يتحدث رئيس مؤسسة مكافحة السرطان بأبين حسين الهندي، عن تزايد حالات الإصابة بالسرطانات في المحافظة بشكل مخيف.
"نطالب السلطة المحلية والمنظمات الدولية بتقديم الدعم الحقيقي لمرضى السرطان، والإسراع بتجهيز مركز للأورام بالمحافظة، نظرًا لارتفاع أعداد الإصابات"، قال الهندي الذي أفاد بأن عدد الحالات المقيدة لدى المؤسسة بلغت 400 حالة، 25 منها أطفال.

وأضاف بأن أهم الصعوبات التي تواجههم تتمثل بـ"عدم توفر مركز لمرضى السرطان، وغياب الدعم الحقيقي من قبل الحكومة والسلطة المحلية لمرضى السرطان، وعدم وجود خطة استراتيجية لدى المعنيين بالمحافظة لمكافحة السرطان، إلى جانب افتقار المؤسسة لداعم، الأمر الذي يحول دون تنفيذ العديد من البرامج أهمها برنامج التوعية".


ويعزو مدير مكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة د. جمال أمذيب انتشار الأمراض بين أهالي أبين، خاصة الوبائيات، إلى تكدس النازحين القادمين من المحافظات الشمالية، وعدم الاهتمام بالنظافة في المخيمات.

وأضاف بأن "أبين عانت من التدمير الممنهج للبنية التحتية، وخاصة الجانب الصحي، جراء الحروب التي دارت رحاها عامي 2011 و2015 من قبل التنظيمات الإرهابية والمليشيات الحوثية، حيث تفتقر أغلب المستشفيات إلى الدعم الكافي من المستلزمات الطبية، من أجل تؤدي مهامها بالشكل المطلوب، ولكن هذا لا يمنع تلك المستشفيات من أداء مهامها تجاه المرضى بما هو متوافر".

وأكد أن الإصابات بالسرطان في أبين، وصلت إلى أرقام مهولة، نتيجة استخدام بعض الأسلحة البيلوجية في الحروب، التي دارت في المحافظة، وأثرت سلبًا على السكان، مشيرًا إلى أن المحافظة أصبحت خالية من فيروس كورونا المستجد، وأن الأمور سارت على ما يرام بعد أن تم تقديم الخدمات الصحية للمصابين في مركز العزل الصحي بمدينة زنجبار.

وتابع يقول " نحن نعمل وفقًا والإمكانيات المتوفرة لدينا، حيث أن الموازنة التشغيلية ضئيلة جدًا، ولا تلبي الأهداف المرجوة، ونعمل وفق الخطط التي وضعناها للرقي بالخدمات الصحية نحو الأفضل، على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي تعترض عملنا، والأمراض التي تعد أكبر من أن نواجهها بمفردنا".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى