الحياة مدرسة

> هي عبارة تتردد على مسامعنا بين الحين والآخر، ولكننا لا نسمعها غالبًا إلا ممن خرج من تحدٍ، أو مُني بخسارة، أو صُدِم بأمر ما، فأي مدرسة هذه التي لا تعلِّم إلا بالألم والفشل والخسارة؟
صحيح أنه في المدارس نتعلم الدروس، ثم نمر على الامتحانات، بينما في الحياة نمر بالامتحانات لنتعلم الدروس والتحديات، ولكنها كالمسائل الرياضية، علينا حلها كي تتسع آفاق أفكارنا، ونرتقي لمراتب أعلى، كما أنها تقوينا وتزيد من تجاربنا وخبراتنا.

ومن يصدق أنها مدرسة عليه أن ينظر جيدًا فيها، يعرف كيف يدرس، يحترم نظامها وينضبط بقوانينها وموادها الدراسية المتنوعة، وما أشد تنوعها، فكما أن منهج كل مادة مختلف عن الآخر، فقواعد اللغة لا تحكم مادة الرياضيات، وقوانين العلوم لا تنطبق على النحو والصرف، ولا تدخل في الآيات، فإن فهم كل منها بأسلوبها تدريب على التعامل مع التنوع والاختلاف، بنظرة الاهتمام والاحترام المشترك، والنظر في كافة نواحي الحياة العملية، وإعطائها حقها فلا يطغى العمل على الاهتمام بالأسرة، وأن الأولويات تترتب كما تترتب المواد حسب جدول حصصنا الأسبوعي.

"الحياة مدرسة" ...!!
هي جملة مكونة من كلمتين، مبتدأ وخبر، نفهمها اليوم مع تقدم العمر بمنظور أعمق، وبشكل أوسع، فمدرستنا اليوم ليست الصف والمقعد الخاص بنا، والتركيز في السبورة أمامنا، والتعامل مع الأساتذة والمدير، بل إن مدرستنا هي الحي في المدينة، والمدينة في بلد، والبلد في قارة، والقارة توجد على كوكب اسمه الأرض، وهذه الأخيرة توجد في كون شاسع لا حدود له، وأن علينا أن نحترم الجميع دون تعصب أو انحياز، فالكرة الأرضية دائرية، وليست مربعة كي ننحاز ونختبئ في زاوية من الزوايا، بل مع التقدم العلمي السريع باتت الكرة الأرضية مدرسة جامعة تنمينا وتدعمنا وتتيح لنا فرصًا لا نهاية لها، وتزداد اتساع حدود مدرستنا المشتركة بتعاظم علاقاتنا الاجتماعية، فلا يوجد أغراب بيننا، بل الجميع هم أهل وأصدقاء لم نتعرف عليهم بعد، وآخرون رفاق درب التعلم في مختلف مناحي الحياة، وبعقولنا المرنة نستطيع تحويل كل سالب (للتحديات، والأخطاء، الفشل والمشاكل) إلى موجب، بخلق فرص عديدة من أجل تغيير العالم نحو الأفضل.

إن المدارس تبني منارة النجاح والتميز فينا، وهذا النجاح معلم ينقلنا من نجاح طالب إلى نجاح عامل يسعى لخدمة البشرية جمعاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى